ثم إنه لا بد من معرفة حقيقة مهمة، وهو أن الله يبتلي خلقه بالإيمان، والابتلاء فيه تمحيص واختبار، ولذا فإن الذي يؤمن ساعة الموت أو عندما تطلع الشمس من مغربها لا يقبل إيمانه .. لماذا؟؟
لأنه إيمان بالاضطرار فليس فيه نوع بلاء وتمحيص، فعندئذ لا يتفاضل الناس في الإيمان لأنه لا داعي إلى الكفر، وأما حال الحياة فإن الناس يتفاضلون بإيمانهم لأنهم يؤمنون بالغيب وبذلك وصف الله المتقين (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة) ولذا جاء في البخاري: " فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِي قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنَ النَّارِ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ"
فلو رأى الناس الجنة أو النار أو رأوا ربهم سبحانه تعالى أو سمعموا عذاب القبر لآمنوا كلهم وهنا دليل من أنكر سماع أصوات المعذبين فقال إن الله أخفاها ولو سمعت لكان الإيمان بالاضطرار فالكل يذعن وقتها.
وأما سؤالها:
(ولماذا فيه ناس جاهلين لا يعلمون اصلا ان فيه اسلام
يعني لماذا ربي مابين لهم عن الاسلام مناجل ان يحاسبون مثا المسلمين
معقوله كل العالم هذي بالنار؟؟؟
الا المسلمين وايضا فيه مسلمين ليسوا محافظين على دينهم)
أما لماذا الناس جاهلون بالإسلام فلأنا تركنا الدعوة إليه وأخذنا في أودية الشبهات والشهوات، ثم كيف تقول إن ربي سبحانه لم يبين الإسلام لهم!! فالإسلام كيف بدأ أصلا؟ وكيف بينه الله لأهل مكة والمدينة ومضى الإسلام حتى تبين للناس، فلو لم يبينه الله ما كنا مسلمين.
وأما كون العالم هذا إلى النار، فإن الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض يقول عنها رسول الله: "وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى"
هذا الأبواب يأتي عليها يوم وهي كظيظ من الزحام!
أقول هذا لكيلا يلعب بنا الشيطان وكأن الله لا يرحم أحدا من عباده بل هو الرحمن الرحيم خلقهم ورقهم وجعل لهم الأرض ذلولا وأرسل لهم الرسل وأنزل الكتب وأقام الشواهد على صدق ما جاؤوا به وجعل للإنسان فطرة الإيمان فأبى أكثر الناس إلا كفورا!
ثم إن من لم تبلغه الدعوة لا يظلمه الله بل يختبرهم يوم القيامة، إن الله لا يظلم الناس شيئا
وأما قولها:
(ولماذا ربي يعذبنا وهو خلقنا ضعفاء
لماذا فيه جنه ونار)
لعل فيما سبق بيان لبعض الجواب على هذا السؤال.
وأما كون الإنسان ضعيفا، فلا تنظروا إلا صغر الجِرم، ولكن إلا عظم الجُرم، ولو علمنا قدر الله وعظمته لعلمنا أن الكافر به قد بلغ من الظلم أقصاه، ألا ترون أن الناس حتى الكفار منهم يقيمون العقوبات العظيمة على الجناة وقد تصل إلى القتل والصلب ولا ننكر عليهم لأنا حين نسمع ما فعل الجاني من جريمة وفواحش تنفر منها الطباع نرى أنه قد أخذ ما يستحقه، وهو إنما اعتدى على مخلوقين مثله، فكيف بمن حارب الله رسوله وجحد نعمة ربه وقتل أولياءه، ثم انظروا إلى رحمة الله حيث قال: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ
¥