وستقرأ مذكرات ابن كثير الدمشقي في كتابه البداية والنهاية وهو يخبرك عن لحظات الدموع والحزن يوم مات ابن تيمية في سجنه , سيحدثك عن لحظات غسله والصلاة عليه , سيحدثك أن هذه الحوانيت والدكاكين والتجارة التي لا يرى أولها من آخرها قد توقفت جميعها , سيخبرك أن مئات الألوف من البشر خرجوا لوداع عالمهم الصادق , خرجت دمشق كلها بكل أطيافها ومذاهبها , سيحدثك عن بكاء الرجال والنساء , سيخبرك عن (الشوام) الذين لا يحملون إلا الشرف والوفاء , رغم استبداد الأنظمة الحاكمة عبر التاريخ , سيخبرك أن العالم الصادق لابد أن يعاني , ولابد أن يكابد , لكنه رغم كل ذلك رحمة للبشرية والإنسانية , فهو لا ينتقم لنفسه ولا يطلب جاهاً ليذل غيره , ولا يكون عوناً للظالمين لكي يجلدوا ظهور الفقراء والمساكين.
تشاهد أوراقاً وكتباً فيخيل إليك أن ابن عساكر قائم هناك يدون تاريخ دمشق , مجلدات صنفها هذا الرجل الدمشقي زادت عن سبعين مجلدة كلها عن تاريخ تلك المدينة الخالدة.
سيدور بخلدك أمام ذلك البيت العربي الجميل أن بداخله الآن الإمام الذهبي وهو يصنف تاريخ الإسلام , ستسمع منه أخباراً جميلة عن سير النبلاء , وطبقات الشيوخ وحفاظ الدنيا , إنه يكتب من دمشق المدينة التي أحبها وتحبه , يكتب من هنا تاريخ الحضارة الإسلامية العظيمة , سيحدثك الذهبي بعد ذلك عن دمشق وتناقضاتها , سيحدثك عن أناس شتى:
العالم
والزاهد
والفاسق
والملحد
والتاجر
والملك العادل
والملك الظالم
والمغني
والشاعر
سيصحبك كمرشد سياحي في رحلة مكتوبة مجانية للتعرف على دمشق كما هي.
سترى الناس على فطرتهم , وترى المقاهي في دمشق القديمة في البيوت الحجرية الأثرية (بيت عرب) , وترى المساجد , وترى الحمامات العربية , وترى الحلوى الشامية , وتسمع الأذان يصدح بأعذب صوت , والقرآن يتلى بأندى حنجرة ..
ستمر على مسجد وفيه كوكبة من الناس في شكل حلقة جلسوا لتفسير القرآن , حسناً .... هل كان الإمام المفسر ابن كثير الدمشقي هنا؟.
ولماذا لا يكون هنا ودمشق أرضه وهنا بيوت آبائه وأجداده, ستثني قديمك تواضعاً وحياءً من جهلك لتسمع نفس ابن كثير , ستسمع منه تفسيراً وتاريخا وفقهاً وحديثاً , إنه مجموعة علوم تجمعت في قلب رجل واحد عاش بين بيوت دمشق القديمة.
سيحدثك الناس من المؤرخين وغيرهم عن المرأة الدمشقية , سيخبرك ابن كثير عن زوجته وبناته وعن بنات دمشق فتراه يذكر جلسات القرآن وحفظه ومدارس العلم والأدب النسائية في دمشق قبل سبع مئة سنة , حتى أنك تحتقر الأوربيين الذي لم يسمحوا بتعليم المرأة في المدن الكبرى إلا في العصور المتأخرة , وسيحدثك ابن كثير والذهبي عن (شيخاتهم) من نساء دمشق من أهل الحديث والقرآن , وسيحدثونك عن مجالس التدريس النسائية الخاصة في دمشق.
سترى بأم عينك حجاباً عجيباً , وحياء نادراً , سترى فتاة صغيرة صارخة في الجمال تسير بجوار أخواتها الكبار وأمهن , وترى قواماً أشبه بالغزال , ولكنك لن تصل إليهن ولو من طرف خفي , فحجاب الشاميات صارم , وحيائهن باعث على الاحترام والتقدير , ولن ترى شامية تنتسب لبيت أصيل متبرجة أو متسكعة , تسعة اعشار من تراهن المتبرجات هن من الداخلين على البلد أو من النصارى , ستهرع إلى المؤرخين ليحدثوك عن عفاف الشاميات , وعن جهودهن في نشر العلم وبناء المدارس ورعايتها منذ قديم الدهر , إنهن يجمعن بين العلم والفضيلة , والجمال والعفاف , والدين وحسن تدبير المنزل.
..... للحديث بقية ....
خضر بن صالح بن سند ...
2/ 9/1431
جدة حرسها الله
ـ[ياسين البشير]ــــــــ[28 - 10 - 10, 12:35 ص]ـ
بارك الله فيك اخي خضر / اريدك في موضوع هل لديك برنامج اتصال للتحدث معك؟
ـ[خضر بن سند]ــــــــ[29 - 10 - 10, 01:39 ص]ـ
نعم .... بريد ملتقى أهل الحديث الخاص ....
ـ[مكتب زهير الشاويش]ــــــــ[29 - 10 - 10, 12:53 م]ـ
لو علمت دمشق من قد زارها**** لأكثرت في وجهه ترحابها
ـ[علي سَليم]ــــــــ[29 - 10 - 10, 02:55 م]ـ
بارك الله فيك ....
ـ[خضر بن سند]ــــــــ[29 - 10 - 10, 05:26 م]ـ
أخي بلال ... دمشق عظيمة بنفسها وأهلها , وهذا من طيبكم وكرمكم في بيروت ودمشق ...
شكراً اخي علي سليم ..
ـ[خضر بن سند]ــــــــ[29 - 10 - 10, 05:26 م]ـ
¥