ولئن شئت واقتصرت لأصفن لك الدنيا ساعة بين ساعتين؛ ساعة ماضية، وساعة آتية، وساعة أنت فيها، فاما الماضية والباقية فليس تجد لراحتهما لذة، ولا لبلائهما ألما، وإنما الدنيا ساعة أنت فيها فخدعتك تلك الساعة عن الجنة وصيرتك إلى النار، وإنما اليوم إن عقلت ضيف نزل بك وهو مرتحل عنك، فان أحسنت نزله وقراه شهد لك وأثنى عليك بذلك، وصدق فيك وإن أسأت ضيافته ولم تحسن قراه، جال في عينيك.
وهما يومان بمنزلة الأخوين، نزل بك أحدهما فأسأت إليه ولم تحسن قراه فيما بينك وبينه، فجاءك الآخر بعده فقال إني قد جئتك بعد أخي فإن إحسانك إلي يمحو إساءتك اليه، ويغفر لك ما صنعت، فدونك إذ نزلت بك وجئتك بعد أخي المرتحل عنك، فلقد ظفرت بخلف منه إن عقلت فدارك ما قد أضعت. وإن ألحقت الآخر بالأول فما أخلقك إن تهلك بشهادتهما عليك إن الذي بقي من العمر لأثمن له ولا عدل
فلو جمعت الدنيا كلها ما عدلت يوما بقي من عمر صاحبه فلا تبع اليوم ولا تعدله من الدنيا بغير ثمنه، ولا يكونن المقبور أعظم تعظيما لما في يديك منك وهو لك
فلعمري لو أن مدفونا في قبره قيل له هذه الدنيا أولها إلى آخرها تجعلها لولدك من بعدك يتنعمون فيها من ورائك، فقد كنت وليس لك هم غيرهم أحب اليك؟ أم يوم تترك فيه تعمل لنفسك؟ لاختار ذلك وما كان ليجمع مع اليوم شيئا إلا اختار اليوم عليه رغبة فيه وتعظيما له
بل لو اقتصر على ساعة خيرها وما بين أضعاف ما وصفت لك وأضعافه يكون لسواه إلا اختار الساعة لنفسه على أضعاف ذلك يكون لغيره، بل لو اقتصر على كلمة يقولها تكتب له وبين ما وصفت لك وأضعافه لاختار الكلمة الواحدة عليه
فانتقد اليوم لنفسك، وأبصر الساعة، وأعظم الكلمة، واحذر الحسرة عند نزول السكرة، ولا تأمن أن تكون لهذا الكلام حجة.
نفعنا الله وإياك بالموعظة ورزقنا وإياك خير العواقب والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
المصدر: حلية الأولياء [المجلد الثاني: صفحة 134]
ـ[صالح البيضاني اليمني]ــــــــ[28 - 10 - 10, 09:37 م]ـ
جزاك الله خيراً , وبارك فيك
وكل خير في اتباع من سلف, وهكذا هي الحياة, ولا بد من العمل والصدق مع الله قبل فوات الأوان, وقيام الحجة.
شكراً أخي جهاد على هذه النقلة الجيدة.
وأنصح إخواني أن يطالعوا مثل هذه الكتب التي تختص بالتراجم ومن أجلها الحلية , وسير أعلام النبلاء, فما أعظم من قرأ السير للذهبي!.
أرجو أن تكون عظيماً في هذا,,,,,.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[30 - 10 - 10, 09:52 ص]ـ
جزاك الله خيراً , وبارك فيك
وكل خير في اتباع من سلف, وهكذا هي الحياة, ولا بد من العمل والصدق مع الله قبل فوات الأوان, وقيام الحجة.
شكراً أخي جهاد على هذه النقلة الجيدة.
وإياك أخي المبارك، جزاك الله خيراً.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[30 - 10 - 10, 10:37 ص]ـ
وأنصح إخواني أن يطالعوا مثل هذه الكتب التي تختص بالتراجم ومن أجلها الحلية , وسير أعلام النبلاء, فما أعظم من قرأ السير للذهبي!.
أرجو أن تكون عظيماً في هذا,,,,,. Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 قال عبد العزيز بن أبي رواد - رحمه الله -:
إذا ذكرت أحوال السلف بيننا: (افتضحنا كلنا)!
وروى السلمي في (طبقات الصوفية) (ص127):عن حمدون القصار قال:
من نظر في سير السلف عرف تقصيره وتخلفه عن درجات الرجال.
وقال ابن الجوزي رحمه الله في (تلبيس إبليس) (ص 116):
ومن نظر في سير السلف من العلماء العاملين استحقر نفسه, فلم يتكبر.
قلت ... انظر أخي المبارك في تراجم وأحوال قائلي تلك الكلمات، وتأمل في سيرهم و أخلاقهم!،
ثم ارجع البصر ناظراً معتبراً في حالنا وقصورنا، وجرأتنا وتقصيرنا؟!، ينقلب إليك البصر قائلاً: تعال لنغطي وجوهنا بمدادٍ أسود، تعال لنمرغ تلك الأنوف المعجبة بالتراب والرماد.
نسأل الله أن يسترنا، و يرحمنا، ويعفو عن تقصيرنا، وأن يهدينا سواء السبيل
أعود وأردد ما كان يقوله ابن المبارك -رحمه الله - حين تذكر أخلاق السلف:
لا تُعرِضنَّ بِذِكرِنا مَع ذِكرِهِم = لَيسَ الصَحيحُ إِذا مَشى كَالمُقعَدِ
¥