تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عقبات في طريق الالتزام: 1 - ((غض البصر)) ,من كلام الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[06 - 01 - 08, 08:50 م]ـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى سادتنا من آل بيته الطاهرين المطهرين وأئمتنا من صحابته الراضين المرضيين والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين:

وبعد:

فكثيراً ما يجد أحدنا في صدره حرجاً من مسائلَ تقف عائقاً أمام التزامه واستقامته , وتحمله الحرقة التي يجدها في صدره على البحث عن سبيل للخلاص , وما أبرئ نفسي فأنا أول أولئك, فالاستقامة وإن كانت ظاهرة على علانياتنا إلا أنّا نصارع بواطننا صراعاً شديداً على اتحادها مع الظاهر في الخير وجعلها مجلبةً لثناء الله علينا في الملإ الأعلى كما كانت ظواهرنا سببا في ثناء أهل الأرض وثقتهم العمياء في أهل الاستقامة والالتزام , وهذا ما حمل بعض الذئاب على لبس جلود الضأن لاصطياد الفرائس باسم الدين وكان لهم ذلك ولا حول ولاقوة إلا بالله.

وقد أحببت إيراد هذه العقبات على شكل حلقات أجعل كل واحدة منها عن مرض معينٍ يقف عائقا أمام الالتزام الحقيقي , وسأجعل التوجيه والعلاج من كلام فضيلة الوالد الشيخ العلاّمة محمد بن محمد المختار الشنقيطي -المدرس بالحرم النبوي الشريف- حفظه الله تعالى ,وهذه الأجوبة منه حفظه الله وإن كانت ارتجالاً وغير مُعَدٍّ لها فقد كتبتها بنصها أسأل الله النفع بها لي وله ولقارئها وناشرها, ومن بين تلك الأمور التي تحمل على الهم والكدر ,مجاهدة الواحد منا نفسه على غض بصره عن المحارم , خصوصا في ساعة الخلوة - التي لا يرافقنا فيها إلا الملكان وكفى بهما زارجاً -لو كانت قلوبنا حيةً عامرة- نسأل الله ذلك - على جهاز الحاسب ,وعند التنقل بين القنوات ومشاهدة المجلات ووقوع البصرعلى النساء المتبرجات في الأسواق والطرقات وغير ذلك من المواطن التي لا يثبت فيها إلا من ثبته الله , زقد سئل شيخنا عن هذا الداء السؤال التالي:

فضيلة الشيخ: كثيرا ما نقع في النظر الحرام لضعف شهوتنا عندنا فهل من نصيحة من فضيلتكم. وجزاكم الله خيرا؟

الجواب:

الله المستعان! من شغل نفسه بالحرام؛ شغله، ومن شغل نفسه بالحلال؛ شغله الله عن الحرام، ونسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يشغلنا بطاعته عن معصيته، وبمحبته ومرضاته عما يسخطه، وأن يكفينا بحلاله عن حرامه، ويغنينا بفضله عمن سواه.

أخي في الله! إن الفتن من رتع فيها؛ نال بلاءها، وأصيب بدائها.

الفتن إذا انشغل عنها الإنسان بذكر الله ووطّن نفسه وقلبه وقالبه بمرضاة الله؛ ثبته الله على طاعته، ومحبته ومرضاته؛ قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أُشربها نكت في قلبه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى تصبح على قلبين: على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض، وعلى أسود مربادًّا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أُشرب من هواه)).

هذا الحديث الذي قاله من لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه تجده أمام عينيك، من التفت إلى الفتن وخرج خاوي القلب من ذكر الله، وخاوي القالب من طاعة الله، وأخذ يتلفّت يمينا وشمالا، جاء باكيا، خرج مفتونا، ورجع مفتونا، ولربما دخل إلى مسجده فلم يعرف كيف يصلي -والعياذ بالله -.

((على أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه)): فهو إذا مرّ خارجا من بيته وخارجا من سوقه إلى مسجده وإلى عبادته وإلى أشرف شيء من طاعة الله –عز وجل- لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، فتجده يلتفت يمينا ويلتفت شمالا، وينظر إلى هذه وتلك، ثم يصيح ويقول: إن الفتن أمرضتني، وإني لا أستطيع أن أصلي في الحرم؛ لأن الفتن مليئة عند الحرم، وإنني وإنني ... ولكن إذا رزقه الله – عز وجل - استقامة القلب؛ استقام قلبه واستقامت جوارحه، من امتلأ قلبه بالخوف من الله عز وجل، ولسانه بذكر الله؛ فأصبح ذكّارا شكّارا أواها مخبتا منيبا تجده يخرج من بيته إلى المسجد ما بين التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل وقراءة القرآن وعمارة الوقت بشيء يرضي الله يحس أن هذه الدقائق هي رأس ماله من هذه الدنيا، وأن هذه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير