تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الدقيقة إذا ذهبت فلن تعود إليه أبداً، ويحس أنه إذا ذكر الله أن الله يذكره، وأنه إذا ذكر الله أن الله يثبّته ويحبّه ويعينه ويسدده.

يا هذا! لم خرجت من بيتك خاوي القلب من ذكر الله.

يا هذا! إن الشيطان لن يستطيع أن يطرق قلب عبد يقول: لا إله إلا الله.

يا هذا! انظر إلى حالك حينما أرسلت النظر، ومتعت نفسك يمينا وشمالا، ثم تصيح وتقول: الفتن! وطّن نفسك بطاعة الله.

البعض تجده يقول: لا أستطيع أن أحبس نفسي عن الغيبة، ولا أستطيع أن أحبس نفسي عن النميمة، لا أستطيع أن أحبس نفسي عن السب والشتم؛ لأنه عوّد لسانه، فلما جاءته الفتنة في غيبة الناس، وسبهم، وشتمهم، واتباع عوراتهم، وكشف سوءاتهم، والجرح، واللمز حتى للأخيار والصالحين يأتي يوم من الأيام لا يستطيع أن يكفّ لسانه عن سب المسلمين، فتصبح أسود مربادًّا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أُشرب من هواه.

طالب العلم الإنسان الصالح الذي يحس أن هذه الحياة هي رأس ماله من هذه الدنيا، وأنه كم من طريح على الفراش وهو سقيم مريض الله يمتّعه بالصحة والعافية، وأن الله أعطاني نعمة البصر التي لو أطفئ نورها ما استطاع أطباء الدنيا أن يرجعوه إليه طرفة عين ولا أقل من ذلك، لما يخرج من بيته وهو ذاكر لله بقلبه أنه في نعم الله لما يخرج من بيته لكي يصلي الصلاة، فيتذكر أن وهو رب أسرة وقائم على أسرته فيتذكّر رب الأسرة الذي هو طريح الفراش، ويتذكّر رب الأسرة الذي شغله أبناؤه وبناته وأمواله عن أن يخرج إلى بيت الله، إذا خرج بهذا القلب الذي هو معمور بنعمة الله – عز وجل - وبتوحيد الله وبذكر الله – عز وجل - هل يجد فراغاً لكي يلتفت إلى فتنة، أو يلتفت إلى محنة، كلا والله، ((على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض))، تريد العافية في بصرك كُف بصرك، والغريبة جرب هذا الأمر تمر يوما من الأيام خارجا من بيتك فتراقب بصرك فتشتغل بقراءة القرآن بذكر الله سبحانه وتعالى لا ترسل بصرك في حرمة، فإذا وجدت الحرمة مباشرة تغض وتكره وتتألم وتقول: يا رب، اغفر لي ذنبا بليت به بالنظر إلى هذه الحرمة، فإذا مرت المرة الأولى ثم المرة الثانية ثم المرة الثالثة لن تأتي المرة الرابعة تمر عليك امرأة فتضرك بإذن الله – عز وجل -؛ لأن هذا الباب أقُفلت عليك فتنته حتى تصبح على قلبين: على أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السماوات والأرض، ما وجد الشيطان طريقا إلى مثل هذا، الذي يخرج من بيته وهو يحس أن هذه الساعات والدقائق ينبغي أن تُعمر بذكر الله – عز وجل - وينشغل بذكر الله والتسبيح والتحميد والتكبير لن يجد فتنة تصرفه عن طاعة الله إن صدق مع الله، وعليك أخي في الله أن تعيد النظر في أخلاقك وفي تصرفاتك، هذه الفتن مرتع وخيم لمن تساهل فيها يجلس الرجل على القنوات -والعياذ بالله- ويقلب نظره في المحرمات، يجلس يستمع الملهيات والمغريات ثم يصيح ويقول ما أستطيع.

يأتي طالب علم ويقول: والله أريد أن أغض بصري عن الحرام وما أستطيع، إذا أردت أن تعرف مكانك في هذه الفتنة فانظر كيف تدعو من يسمون بغير الملتزمين، إذا جئت إلى شخص عاصٍ وقلت له: يا أخي، جرب الالتزام والطاعة والاستقامة ترى فيها خيراً كثيراً، قال لك: والله ما أستطيع، تقول له: كيف ما تستطيع، ونقول لك: يا هذا كيف ما تستطيع أنت أن تغض بصرك، وكيف أنت ما تستطيع نفس الجواب؛ السبب أنها أماني من الشيطان، ثم هناك شعور في النفس يشعر الإنسان أنه إذا وقع في الفتنة مرة خلاص ما يمكن أن يتركها، كذب وفجر إبليس ولُقم الحجر، بل تقول: لي رب الذي خلق لي هذا البصر قادر أن يصرفه عن حرمات الله – عز وجل -، وإذا استدمت ذكره وشكره وحرّمت هذا البصر عن محارم الله ليبوأنّك الله في الدنيا مبوّأ صدق، وإذا بكت العين من خشية الله، واستدامت النظر في كتاب الله وكتب العلم، ودائما الإنسان ينظر إلى الفتنة متى إذا الفتنة شيء كبير فيا لله العجب من عبد يرتع في ذكر الله في جنة الدنيا قبل جنة الآخرة ثم يصرف بصره عن طاعة الله إلى محارم الله! هل نقص عليك شيء وأنت في طاعة الله؟!

هل تحس أن هذا النظر للحرام وأنت خارج إلى مسجدك أو إلى أي طاعة من طاعة الله – عز وجل - بل حتى لو خرجت إلى السوق هل هذا النظر يكمل فيك ناقصا؟! ويصلح فيك فسادا ويرفع منك ضعة؟

لا والله، على العكس تماما، الشعور بالنقص البعض إذا التزم بالخير يحس أن أهل الشهوات أنهم فوق، والله لو علم أن أهل الشهوات يبكون بكاء الليل والنهار مهما تمتعوا فإن متعهم عذاب، ومهما وجدوا من الملهيات والشهوات فإنها جحيم لا يطاق، وإن الذي أنت فيه من نضارة وجهك ونور الإيمان في وجهك وفي قلبك يتمنّونه صباحاً ومساءاً فاحمد نعمة الله عليك، ولا تزدري ما أعطاك الله تحس أن هؤلاء أن الله فضّلك عليهم تفضيلا عظيما ولا تشعر بالنقص.

نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يصرف عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك واغننا بفضلك عمن سواك، اللهم اغننا بفضلك عمن سواك، اللهم اجعل ما وهبت لنا من الأعمار ومن الليل والنهار في محبتك ومرضاتك وذكرك وشكرك والإنابة إليك، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك، يا مصرف القلوب صرّف قلوبنا في محبتك، اللهم اجعلنا ممن اصطفيتهم واجتبيتهم وهديتهم إلى صراط مستقيم، اللهم اجعلنا ممن استغنى بك فأغنيته، واستكفى بك فكفيته، واستعاذ بك فأعذته، اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اصرف أبصارنا، وجوارحنا، وظواهرنا وبواطننا عن الفتن، وعن كل شيء لا يرضيك عنا ولا تتوفانا إلا وأنت عنا راض يا رب العالمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد على آله وصحبه أجمعين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير