تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المخزية ?ولِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ? [المنافقون:8].

والعلم عند الله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

< HR align=right SIZE=1 width="33%">1- انظر ترجمته في: شذرات الذهب لابن العماد: (2/ 319)، ومعجم المؤلفين لكحالة: (3/ 253).

ـ[محمود المغناوي]ــــــــ[04 - 11 - 10, 11:31 م]ـ

نصيحة لمغرور

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فإنَّ الواجب على المسلم أن لا يظهر في غيرِ مظهرِه، ولا خلافَ ما يُبطِن، ولا خلافَ حاله، ولا يحكم على نفسه بعُلُوِّ مرتبته وسُموِّها، ولا يتكلَّف ما ليس له، فإنَّ هذا الخُلُقَ من صدق الحال، وقد قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «الْمُتَشَبِّعْ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» (1 - أخرجه البخاري: (9/ 317) في «النكاح»، باب المتشبِّع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضَّرَّة، ومسلم: (14/ 110) في اللِّباس: باب النهي عن التزوير في اللِّباس، وأبو داود: (5/ 269) في الأدب: باب في المتشبِّع بما لم يعط، من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما. ومعنى الحديث عند العلماء: «المكثر بما ليس عنده بأن يظهر أنَّ عنده ما ليس عنده يتكثَّر بذلك عند الناس ويتزيَّن بالباطل فهو مذموم كما يذمّ من لبس ثوبي زور» [«شرح مسلم للنووي»: (14/ 110)]. قال ابن حجر في «الفتح»: (9/ 318): «وأمَّا حكم التثنية في قوله (ثوبي زور) فللإشارة إلى أنَّ كذب المتحلّى مثنى، لأنّه كذب على نفسه بما لم يأخذ وعلى غيره بما لم يعط، وكذلك شاهد الزور يظلم نفسه ويظلم المشهود عليه» (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_1')))، وقد جاء من أقوالهم:

وَمَن يَدَّعِي بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَضَحَتْهُ شَوَاهِدُ الامْتِحَانِ

لذلك لا يجوز أن يَدَّعي العلمَ فيما لا يَعلم، والإتقانَ فيما لا يُتقِن، ولا أن يتصدَّر قبل التأهُّل، فإنَّ ذلك آفةُ العلم والعمل، لذلك جاء في أقوالهم: «من تصدَّر قبل أوانه؛ فقد تصدَّى لهوانه»، وقد جاء –أيضًا- عن بعض الأندلسيِّين قولهم:

نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ أُنَاسٍ تَشَيَّخُوا قَبْلَ أَنْ يَشِيخُوا

ثمَّ ينبغي أن يُعلَم أنَّ من كان سائرًا على مثل هذا الخُلُق من الصِّدق، أنَّ الصدقَ من مُتمِّمات الإيمان، ومُكمِّلات الإسلام، وقد أمر اللهُ به، وأثنى على المتَّصفين به في قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ? [التوبة: 119]، وقال عزّ وجلّ: ?وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ? [الزمر: 33]، وقال سبحانه وتعالى -أيضًا- في الثناء على أهله: ?رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ? [الأحزاب: 23]، ويكفي أن يكون الصدق يهدي إلى البِرِّ، وأنَّ البِرَّ يهدي إلى الجَنَّة، كما في الحديث المتَّفق عليه: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا» (2 - أخرجه البخاري: (10/ 507) في «الأدب»، باب قول الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ? وما ينهى عن الكذب، ومسلم: (16/ 160) في البرِّ والصلة: باب قبح الكذب وحسن الصدق وفعله، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (**********: AppendPopup(this,'pjdefOutline_2')))، ولا يخفى أنَّ الجنَّة هي أسمى غاياتِ المسلم، وأقصى أمانيه، والصدق في اللَّهجة عنوان الوقار، وشرف النفس، وصنعة العلم، لا يرتفع فيها إلاَّ صادق، فالصدق أَوْلَى تخلُّقًا من تحصيل العلم، وعلى المسلم أن يبدأ بتربية نفسه على الصدق قبل تحصيل العلم، كما جاء في بعض آثار السلف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير