تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا أراد الله أن يتمم عليه النعمة صرف عنه الدنيا كلها بمدحها وثنائها وما يكون فيها من زينتها حتى يخلص لله في آخرته فيكون من عباده المصطفين الأخيار كما قال- سبحانه وتعالى -: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} فخير ما يوصى به الداعية إلى الله، وخير من يوصى به من يتكلم في سبيل الدعوة إلى الله ودلالة الخلق الله على الله أن يريد وجه الله- سبحانه وتعالى - وأن يتذكر وأن يجعل نصب عينيه ذلك الموقف الذي يقف فيه بين يدي ربه فيقول الله له: ((- عبدي - ألم تكن جاهلاً فعلمت؟ فيقول: بلى - يا رب - فيقول: ألم تكن وضيعاً فرفعتك ألم تكن كذا وكذا .. ؟ فيقول: بلى - يا رب - فيقول الله: ماذا عملت لي؟)) فإذا استشعر هذا الموقف توجه إلى الله بقلبه وقالبه وأراد الله بقوله وعمله فعظمت أقواله وأعماله وانتفع الناس من علمه وبارك الله في دعوته وخرجت الكلمات القليلة فثقل الله-عز وجل - أجورها بالإخلاص فكم من عمل قليل عظمته النية! وكم من كلام يسير بارك الله فيه بالنية!.

فأهم ما يوصى به إنسان الإخلاص، والإخلاص ينبغي أن يكون مع طالب العلم، ومع الداعية، ومع العالم، ومع كل مسلم في كل لحظة وفي كل وقت، وكان بعض طلاب العلم يقول لبعض أقرانه الذين يطلبون معه العلم يقول: وددت أني أذكر بالإخلاص في كل لحظة والله لا أسام ولا أمل " لا أمل؛ لأنه حق الله الذي يقوم عليه الدين كله فالدعوة لا تمحق بركاتها بشيء مثل انصراف عن الإخلاص والغفلة عن الإخلاص، فيذكر العبد ربه بقلبه بالإخلاص فيملأ قلبه بالله- سبحانه وتعالى - وهو يستشعر أن الله- سبحانه وتعالى - سيعظم جزاءه، ولذلك كان أئمة السلف ودواوين العلم يطيبون هذا العلم ويطيب علمهم بالإخلاص فما وضع الله البركة في أقوالهم وأعمالهم وعلومهم وتعليمهم للناس وكتبهم إلا بالإخلاص، وما كانوا كذلك إلا حينما انصرفوا عن الخلق للخالق وأرادوا ما عند الله وفضلوه وعظموه على ما سواه.

فهذا عطاء بن أبي رباح كان من الموالي وكان-رحمه الله- بحالة في منظره، فقد كان-رحمه الله- أشل وكانت صورته ليست كغيره في جمال المنظر والحال؛ ولكنه كان إماماً في العلم والعمل، وكان يملأ قلوب الناس بعلمه وصلاحه وورعه، وذكر بن خلكان-رحمه الله- أنه كان يصيح الصائح في الحج لا يفتي الناس في المسائل إلا عطاء بن أبي رباح من علمه وتقواه! دخل إلى بيت الله الحرام ودخل معه سليمان بن عبد الملك وهو خليفة المسلمين فقال: - يا عطاء - سلني حاجتك؟ - وهو إمام زمانه وعالم أوانه -، فوقف أمام خليفة المسلمين فقال له: - سلني حاجتك -؟ فقال: - يا أمير المؤمنين - إني لأستحي أن اسأل أحداً في بيت الله-سبحانه وتعالى -! استحي من الله أن اسأل أحداً في بيت الله، فلما خرج من المسجد قال: - يا عطاء - سلني حاجتك قال: - يا أمير المؤمنين - أن يغفر لي ربي ذنبي! فقال: - يا عطاء - ليس ذلك إلي إنما سألتك أن تسألني حاجتك من الدنيا قال: - يا أمير المؤمنين - إني لم أسأل الدنيا من يملكها أفأسألها من لا يملكها! ما سألت الدنيا من يملكها- سبحانه وتعالى - ولا سألت ربي أن يعطيني الدنيا أفأسألها من لا يملكها! -فرحمهم الله برحمته الواسعة وأنار قبورهم بأنواره الساطعة- لما أخلصوا لربهم وأرادوا وجه، فالعلم يطيب والدعوة إلى الله تطيب، ولا يعذب الإنسان ولا يفتن بشيء، كالإخلاص يعذب من أجله ويفتن من أجله حتى يصبح ذلك دليلاً على صدقه وإرادته لله-جل جلاله- تخرج من بيتك، وإذا بك تستولي عليك الخطرات والوساوس من المدح والثناء، ولربما زكاك الناس ومدحوك، ولربما دخل عليك الداخل حتى في أبسط الأشياء وأقلها في نظر الإنسان، قد يُفتن بها عن سبيل الإخلاص في دعوته، فالله الله الإخلاص الذي عليه صلاح الدين والدنيا والآخرة وصلاح الأقوال والأعمال.

نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يرزقنا الإخلاص لوجهه وابتغاء ما عنده.

ـ[أبو عائش وخويلد]ــــــــ[16 - 04 - 08, 04:18 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم.

جزاك الله خيرا، وأرجوا ان ترفق المقطع الصوتي جزاك الله الجنة.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير