تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الإمام إبن القيّم: كيف يكون الخلف من تلاميذ المعتزلة وورثة الصابئة وأفراخ اليونان الّذين شهدوا على أنفسهم بالحيرة والشك، وعدم العلم الذي يطمئن

إليه القلب أعلم بالله وأسمائه وصفاته وأعرف بها ممّن شهد الله ورسوله لهم بالعلم و الإيمان، وفضّلهم على من سبقهم، ومن يجيء بعدهم ما خلا النبيين والمرسلين، و إنّما أوتي هؤلاء المبتدعة من حيث ظنوا أنّ طريقة السلف هي الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه، وأنّ طريقة المتأخرين هي إستخراج المعاني من النصوص ممّا أوجب نبذ الكتاب والسنّة وأقوال الصحابة وراء ظهورهم، فجمعوا بين الجهل بطريقة السلف والكذب عليهم، وبين الجهل والضلال بتصويب طريقة الخلف. إنتهى

الوصية

إنّ من جزاء التواضع الرِّفعة في الدنيا، والجنّة يوم القيامة، وأمّا التكبّر فجزاء أهله الذِّلة والصّغار في الدنيا والنّار يوم القيامة.

وإنّ من التكبّر ما هو مخرج من الملّة، ولهذا جعل الأئمة ومنهم الإمام المجدّد محمد بن عبد الوهّاب من أنواع الكفر: كفر الإباء والإستكبار ولو كان مصدّقا بقلبه ككفر إبليس وفرعون وكفر اليهود.

* فيا أيّها النّاس اعبدوا ربّكم، وإتّقوه وإستجبوا لأمره وأطيعوه، وأطيعوا رسوله وإنّ من أعظم ما تطيعون فيه أمر خالقكم أن توحّدوه في العبادة، ولا تشركوا به شيئا، وحافظوا على صلاتكم وأدّوها كما أمر بها مولاكم، وإلاّ تفعلوا فهو الكبر.

* يا طلبة العلم إقبلوا الحق من أيّ كان، فالحقّ لا يعرف بالرجال، لكن بالبرهان، فاقبلوا الحقّ من وليّ وعدوّ، وحبيب وبغيض، وبرّ وفاجر، وردّوا الباطل على من قاله كائنا من كان، وإلاّ تفعلوا فهو الكبر.

* يا أيّها العلماء كونوا صادقين في دعوة النّاس إلى الله تعالى مخلصين أعمالكم لله الواحد الأحد ربّوا الأمّة على تحقيق العبودية لله، لا على أن يتكتّلوا حولكم، وينصروا آراءكم على حساب غيركم وكونوا متّبعين للحق مذعنين له راجعين إليه وإلاّ تفعلوا فهو الكبر.

* يا حكّام المسلمين إعلموا أنّكم على مسؤولية خطيرة، فإذا أردتم العون من الله تعالى على أداء مهامكم، فطبِّقوا شريعته، ولا تنظروا إلى هذه الشريعة كما ينظر إليها العلمانيون و الغربيون والمستشرقون، والمستغربون، نظرة المستهتر بها، فإنّها من العليم الخبير الحكيم وانبذوا القوانين الوضعية المعارضة والمناقضة للقانون الربّاني، فإنّها لا تخدم إلاّ من وضعها، وإلاّ تفعلوا فهو الكبر.

عباد الله لا يفخر أحد على أحد بمال أو جاه، أو منصب أو علم، أو كثرة أتباع، ومن باب أولى أن لا تردوا الحقّ بدافع الإفتخار والإغترار.

عباد الله لا يحقر أحدكم أحدا بحسب إمريء من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم، ومن باب أولى أن لا يعتدي أحد على أحد بدافع الإحتقار.

وإنّ لاستئصال داء الكبر من أصله، أن يعرف أوّلا نفسه، ويعرف ربّه، ويكفيه أن ينظر في أصل وجوده بعد العدم من التراب، ثمّ من نطفة خرجت من مخرج النجاسة، ثمّ من علقة ثمّ من مضغة إلى أن صار شيئا مذكورا، وقد أشار الله تعالى إلى هذا بقوله:" من أيّ شيء خلقه، من نطفة خلقه فقدّره " ثم إمتنّ عليه بقوله:" ثمّ السبيل يسّره " وبقوله:" فجعلناه سميعا بصيرا " فأحياه بعد الموت، وأحسن تصويره، وأخرجه إلى الدنيا فأشبعه وأرواه، وكساه وهداه وقوّاه، فمن كانت هذه بدايته، فأيّ وجه لكبره وفخره؟!

ومن كانت هذه حاله فكيف يتكبّر ويتعالم على خالقه؟

والأمر الثاني أن يحمل نفسه على التواضع بمجاهدة نفسه بالمواظبة على أخلاق المتواضعين وعلى رأسهم نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم.

اللّهم ارزقنا التواضع وحسن الأخلاق، ونعوذ بك من الكبر وسوء الأخلاق.

عنابة: ذو القعدة 1419 هـ

مارس 1999 مـ


1 - سورة الزمر (الآية: 53 – 60)
2 - تفسير القرآن العظيم للإمام إبن كثير (6/ 65)
3 - أنظر كتاب إحياء علوم الدّين للإمام أبي حامد الغزالي (3/ 321)
4 - من كتاب الإحياء (3/ 325) بتصرّف
5 - مدارج السالكين للإمام إبن القيّم (2/ 327)
6 - سورة ص (الآية: 76)
7 - سورة النور (الآية: 47 – 50)
8 - درّ النضيد (ص: 40)
9 - إعلام الموقّعين عن ربّ العالمين للإمام إبن القيّم (2/ 209 – 210)
10 - مدارج السالكين (2/ 334)
11 - و هي المعارضات الأربعة الّتي مرّت.
12 - الصواعق المرسلة للإمام إبن القيّم (2/ 632)
13 - مدارج السالكين (2/ 333)
14 - من كتاب مفتاح دار السّعادة للإمام إبن القيّم (1/ 179 – 185) بتصرّف
15 - إقتضاء الصّراط المستقيم لشيخ الإسلام (ص: 164)
16 - إعلام الموقّعين (2/ 195 – 196)

ـ[صالح البيضاني اليمني]ــــــــ[01 - 11 - 10, 10:12 م]ـ
جزاك الله خيراً.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير