1 - في مطلع يونيو عام 2009م، عقد مؤتمر للصوفية في مصر، وفي ختام المؤتمر أصدرت الطرق الصوفية المشاركة بيانا دعت فيه "إلى تشكيل لجان من العلماء المسلمين بأنحاء العالم لبحث كيفية التقارب بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة، ودراسة القيم المشتركة التي يمكن التعاون فيها".
2 - وفي أواخر الشهر نفسه وجهت السفيرة الأمريكية في القاهرة مرجريت سكوبي دعوة إلى تسعة طرق صوفية لحضور احتفال السفارة بعيد الاستقلال الامريكي في أول يوليو.
3 - في أواخر عام 2009م أعلنت مصادر إعلامية أمريكية أن السفارة الأمريكية في القاهرة تعتزم توجيه الدعوة إلى ممثلي العديد من الطرق الصوفية والمذاهب الدينية في مصر للدخول في حوار رسمي معها للتوافق حول العديد من القضايا ومواجهة الجماعات الإسلامية الأخرى، وذكرت هذه المصادر أن الهدف من الحوار "دعم الفرق الإسلامية المعتدلة-من وجهة النظر الامريكية-، وبحث مستقبل عملية السلام والحوار بين الأديان والعلاقات بين الطرق الصوفية وإسرائيل في حالة حدوث تسوية"، و"بحث سبل مواجهة انتشار ما تسميه أمريكا الفكر المتشدد والأصولي في المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصري بصفة خاصة".
4 - في 3/ 8/2010 الموافق يوم الثلاثاء نشر في صحيفة الدستور المصرية خبر اجتماع شيوخ الصوفية مع ممثل للإدارة الأمريكية بحضور أمن الدولة في مقر الطريقة العزمية لمدة ساعتين، وناقش الاجتماع التنسيق بين شيوخ الصوفية في مصر والإدارة الأمريكية لنشر الإسلام الصوفي المعتدل بين المسلمين الأمريكيين، وأكد ممثل الإدارة الأمريكية أن نموذج الإسلام الصوفي يمثل الإسلام المقبول والمرحب به في أمريكا لكونه-كما يزعم-إسلاما وسطيا ومعتدلا، وقد طلب ممثل الإدارة الأمريكية استمرار اللقاءات والتنسيق بين الجانبين.
هذه الشهادة الأمريكية للصوفية تصيب-عند المسلمين الفاقهين لدينهم- التوجه الصوفي في مقتل حيث عدته مقبولا لديها ومرحبا به، ولا يخفى أن شهادة الأعداء لهم تدل على أن توجههم يخدم المصالح الأمريكية التي هي على الضد من مصالح أمتنا وديننا، واتفاق الإدارة الأمريكية مع الصوفية لنشرها بين مسلمي أمريكا يعنى أنها لم تعد تكتفي بإفساد بلاد المنشأ وإنما تجاوزتها إلى الأطراف والروافد، حيث تشبع حاجة المتدينين المسلمين لديها في الوقت الذي تقطع الطريق عليهم في اتجاههم نحو السلفية، وهذا مما يبين أن الصوفية منسجمة مع الرؤية الأمريكية في العمل على إفراغ الإسلام من محتواه العقدي والجهادي الذي أقض مضاجع الأمريكيين والراغبين في السيطرة على بلاد المسلمين، ولعلنا نلحظ مسارعة كثير من الأنظمة تغليب المصلحة الأمريكية في التمكين للصوفية على المصلحة الوطنية حيث يتبوأ الآن نفر من الصوفية كثير من المناصب المهمة، ففي أكثر من بلد رأينا تولي المتصوفة لوزارة الأوقاف ولوظيفة المفتي ولرئاسة الجامعة الإسلامية وغير ذلك من المناصب.
وهذا كله يصب في تقوية شوكة الصوفية كي تواجه أصحاب المنهج السلفي بألسنة حداد،
والآن يراد من الصوفية القيام بما لم تستطع القيام به العلمانية، وذلك تحت وهم العناية بالقلب وتزكية النفس والعناية بالروح، والزهد في الدنيا، فيتم إبعاد الدين عن التدخل في مجالات الحياة كالسياسة والاقتصاد وتنمية المجتمعات والقضاء على روح الجهاد ليقر للمحتلين قرارهم في الاستيلاء على بلاد المسلمين, صرح برنارد لويس فقال: "إن الغرب يسعى إلى مصالحة "التصوف الإسلامي" ودعمه لكي يستطيع ملىء الساحة الدينية والسياسية وفق ضوابط فصل الدين عن الحياة وإقصائه نهائياً عن قضايا السياسة والاقتصاد، وبالطريقة نفسها التي استُخدمت في تهميش المسيحية في أوروبا والولايات المتحدة"
وتسعى أمريكا والعالم الغربي للتمكين للصوفية في بلاد المسلمين على حساب أصحاب المنهج السلفي لأن هذا-كما يقولون-يساعد على الانسجام مع المنظومة الدولية بالإضافة إلى قابلية الخضوع للقوانين والمعايير المتعارف عليها دوليا، كما أن التمكين للصوفية يساعد على مواجهة المد السلفي وإعاقته ووضع العراقيل أمامه
لكن على الصوفيين أن يستقينوا أن مراد أمريكا هو تبديل الإسلام وتغييره وليس البحث عن ما يفيد وينفع أمة المسلمين، وما تظهره من ود أو تقدير للصوفية ليس حبا فيهم، بل ما هو إلا كحبة القمح التي يضعها الصياد في فخه، فإنه لم يضعها بقصد إطعام العصافير الجوعى بل ما وضعها إلا لكي يصطادها بها، ثم يجعلها بعد ذلك وليمة شهية لأهله وأصحابه، من قبل أن تتمكن هذه العصافير المخدوعة من التقاط حبة القمح، ومما يدل على مراد أمريكا من التقرب والتواد لبعض الاتجاهات المسلمة ما جاء في أحد تقارير راند حيث يفصح التقرير عن الهدف بقوله: "إن تحويل ديانة عالم بكامله ليس بالأمر السهل، إذا كانت عملية بناء أمة مهمة خطيرة، فإن بناء الدين مسألة أكثر خطورة وتعقيدا منها"، فالمراد إذن إعادة بناء الإسلام وفق الأجندة الأمريكية واستخدام الصوفية في ذلك كحصان طروادة.
ولكن النصوص الشرعية تبين أن كيد هؤلاء حابط وأنهم لن يتحقق لهم ما يريدون فدين الله محفوظ، كما أن خبرة التاريخ تبين أنه لا بد من وجود الطائفة التي يحفظ الله بها وبجهودها الدين وينصره، والله تعالى ليس في حاجة لهذه الطائفة، وإنما ليميز الخبيث من الطيب، وليختبر ما في صدور الناس وليبتلي بعضهم ببعض قال تعالى: "ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض " وقال تعالى: "وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ"، وهذا يضع على كاهل السلفيين مهمة المنافحة عن منهجهم بقوة وحزم، والسعي في نشره وتوسيع أرضية قبوله بين الشعوب الإسلامية، وترك الدعة والركون إلى الدفع القدري قال تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض"، فالمسلم مكلف بالدفع الشرعي وأما الدفع القدري فذلك فضل من الله يؤيد به عباده الساعين في نصرة دينه، نسأل الله تعالى من واسع فضله أن يشرفنا بنصرة دينه ..
¥