[حقوق البناء - محاضرة لفضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي- حفظه الله]
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[10 - 01 - 08, 11:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ,أيها الأفاضل والفضليات أعضاء وزوار هذا الملتقى من أمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هذه محاضرة بين أيديكم عن حقوق الأبناء لفضيلة الشيخ العلامة: محمد بن محمد المختار الشنقيطي – المدرس بالحرم النبوي الشريف – حفظه الله وهي من ضمن دورته في فقه الأسرة جزاه الله خيراً ونفع به وآتانا ما آتاه وزيادة. قال حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فسيكون حديثنا اليوم عن حقوق الأولاد هذه النعمة العظيمة التي أمتن الله بها على عباده وهي نعمة الولد؛ إنما تكون نعمة حقيقية إذا قام الوالدان بحقها وحقوقها وأحسنا في رعايتها، وقد جاءت نصوص كتاب الله وسنة النبي-صلى الله عليه وسلم- تبين المنهج الأكمل والطريق الأمثل في تربية الأولاد.
الأولاد ... نعمة من نعم الله-عز وجل-، هذه النعمة رفعت الأكف إلى الله بالضراعة أن يكرم أصحابها بها، فقال الله عن نبي من أنبيائه: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}.
وقال الله عن عباده الأخيار: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}.
الأولاد والذرية تقر بهم العيون وتبتهج بهم النفوس وتطمئن إليهم القلوب إذا طابوا وقام الوالدان على رعاية الأولاد والعناية بهم وأداء حقوقهم كاملة على الوجه الذي يرضي الله-عز وجل-.
وحقوق الأولاد قسمها العلماء إلى قسمين:
القسم الأول: ما يسبق وجود الولد.
والقسم الثاني: ما يكون بعد وجوده. فالله حمل الوالدين المسئولية عن الولد قبل وجود الولد وحملهما المسئولية عن تربيته ورعايته والقيام بحقوقه بعد وجوده.
فأما مسئولية الوالدين عن الولد قبل وجوده فإنه يجب على الوالد ويجب على الوالدة أن يحسنا الإختيار، فيختار الأب لأولاده أما صالحة ترعى حقوقهم وتقوم على شئونهم، أماً أمينة تحفظ ولا تضيع وعلى الأم أيضاً أن تختار زوجاً صالحاً يحفظ أولادها ويقوم على ذريتها فاختيار الزوج والزوجة حق من حقوق الولد، ولذلك قال- صلى الله عليه وسلم -: ((تنكح المرأة لأربع، لدينها وجمالها ومالها وحسبها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)).
اظفر بذات الدين حتى ترعى الذرية وتقوم على إصلاحها وتربيتا على نهج ربها، اظفر غنيمة وفوز.
وكذلك المرأة تختار الزوج الصالح الذي ترضى دينه وأمانته وخلقه وإذا أساء الرجل في اختيار زوجته ونظر إلى حظه العاجل من جمال ومال ونسي حقوق أولاده فإن الله يحاسبه حتى ذكر بعض العلماء: أن الزوج لو أختار الزوجة وعلم أنها لا تحسن إلى ذريته من بعده فإن الله يحمله الإثم والوزر لما يكون منها من إساءة إلى ولده، وكذلك المرأة إذا لم تحسن الاختيار لزوجها وعلمت أنه زوج يضيع حقوق أولاده وفرطت وتساهلت وضيعت فإن الله يحاسبها عما يكون من إثم ذلك الزوج وأذيته لأولادها، حق على الوالدين أن يحسنا الإختيار وأن يكونا المنبت الطيب هو الذي يبعث عنه الإنسان، فالناس معادن كما أخبر سيد البشر- صلى الله عليه وسلم - فيهم المعدن الكريم الذي طابت أصوله وإذا طابت الأصول طابت الفروع.
إن الأصول الطيبات لها فروع زاكيه، والله-سبحانه وتعالى- يقول: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} فإذا كان معدن المرأة كريماً من بيت علم أو دين أو عرف بالصلاح والإستقامه فإنه نعم المعدن ونعم الأمينة التي ستحفظ الأولاد والذرية في الغالب، وكذلك الرجل إذا كان معدنه طيباً فإنه سيكون حافظاً لأولاده، ولا يعني هذا أن المرأة إذا ابتليت بزوج مقصر أنها تيأس بل ينبغي عليها أن تحاول وأن تستعين بالله في إصلاح ذريتها وأولادها فإن الله-عز وجل- يقول: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ} فربما يكون الزوج غير صالح؛ ولكن الله يخرج منه ذرية صالحة وقد يكون الزوج صالحاً ويخرج الله منه ذرية غير صالحة.
¥