د/ ياسر: فكرة رأيتها وأظنها ناجحة جدا، فقد قام أحد الدعاة بالتعاون مع خطاط بتصميم مجسمات للكعبة والمسعى والجمرات، وقام الداعية بالشرح عليها فكان ذلك أدعى لتقريب الفكرة للناس، بل أقترح أن تكون المجسمات ذات حجم كبير بحيث تتضح المعالم عند الشرح أو حتى يتمكن ولو أحد الحجيج من التجربة للطواف مثلا وبيان ما سيفعله أثناءه، أو السعي ومن أين يبدأ وأين ينتهي، وكذلك الرمي وأين سيقف وأين سيدعو وغير ذلك.
صوت السلف: وما دور الداعية أثناء السفر، أعني أثناء الرحلة إلى المناسك؟
د/ ياسر: أولا: يوطد العلاقات بصورة شخصية مع الجميع ويتأكد من إحرامهم، ويمنعهم من التعطر بعد الإحرام مثلا كما أنه يمكن أن يستعين بميكروفون الطائرة إن أمكنه، وبالمناسبة فإن كثيرا من الطيارين يسمحون بهذا عن تجربة؛ بينما لن يجد ما يمنعه من ذلك في السيارة، وهذه الاستفادة من الميكرفونات للقيام بشرح ما سيفعله الحجيج في الخطوة القادمة، وكذلك للتذكير بأذكار السفر والركوب والتلبية، ولا مانع من موعظة بين حين وآخر، كما يقوم الداعية بالمرور على النساء للرد عليهن وإفتائهن فيما سألن عنه.
ثانيا: ينتبه إلى أن الحركة بالباصات سواء بين مكة والمدينة أو المشاعر نفسها أو في السفر من بلده إن كانت رحلتهم برية، كل هذا يحتاج إلى برامج متنوعة معدة سلفا ليفيدهم بها، من ذلك أن يكون معه مكتبة صوتية متنوعة لدعاة مختلفين ليسمعهم من بعضها، ولا مانع من التنويع ببعض القراءات القرآنية والأناشيد.
وبخلاف ذلك يحرص -في أثناء السفر عموما وفي كل أحوال تواجده معهم خصوصا- أن يذكرهم بالدعاء، وبالأذكار في وقتها، أذكار الركوب والصباح والمساء والتلبية وغير ذلك؛ كما أنه يجب عليه أن يعد كلمة في كل رحلة لا تقل عن نصف ساعة، ويمكن للترفيه كذلك القيام بمسابقات، وبالمناسبة فالمسابقات تعد ترفيها وتجد صدى طيبا من المشاركين وحماسا وتنافسا، وهي أيضا من المجالات الخصبة لبيان حقائق وآداب ومعلومات في العقيدة والعبادات والمعاملات.
صوت السلف: وماذا عن النساء ومشكلاتهن؟
د/ ياسر: تحتار النساء أثناء المشاعر من بعض ما يتعلق بهن، وواجب الداعية أن يمنحهن اهتماما مناسبا، وأن يهون عليهن جزعهن مما قد يرينه مشكلات خطيرة كالحيض، وأن يفتيهن بما يناسب حالهن، وأغلب مشكلات النساء في أمور، منها: الحيض وما يتسبب فيه من منعها من الطواف وماذا ستفعل؟ هل تهل بحج فقط؟ لأنها قد لا تدرك العمرة؟ وننصح بذلك إن جاءتها الحيضة قبل الإحرام مباشرة. أم كيف تطوف طواف الحج إن خافت فوات الرفقة ولما تطهر؟ وغالبا ما تؤمر بأن تتحفظ وتتوضأ وتطوف.
والمشكلة الثانية في الرمي هل ترمي أم توكل، وباعتقادي أن الأمور الآن صارت أيسر بكثير، وعلى العموم تفتى في حال قدرتها الجسدية على الذهاب للمرمى، وفي حال تحققها من العجز عن الرمي فإنها توكل.
وفي الخليج خصوصا تتحرج بعض النسوة -خصوصا العجائز- من خلع النقاب، ويفضلن أن يفدين بدم على أن يخلعنه؛ فلا بد للداعية من تفهم ذلك، وقد يشرح لهن أن بإمكانهن تغطية الوجه بشيء آخر بخلاف النقاب.
وتنبه النساء على عدم اشتراط لبس معين أو لون معين للإحرام، بل واجب عليها ارتداء حجاب مناسب لاسيما وأن بعضهن يحرصن على اللون الأبيض -وفي الخليج الأخضر-، وقد لا تجد إلا أقمشة شفافة فتخالف بذلك أحد شروط الحجاب.
صوت السلف: ما الموضوعات التي يطرقها الداعية في أثناء السفر وأثناء الحج؟
د/ ياسر: بالإضافة لشرح كل شعيرة قبل الشروع فيها، وبيان أحوالها وصفتها وخبرات الداعية فيها، فإن الوقت يتسع بعد ذلك لكل ما يرقق القلوب ويلين النفوس، وأرى أن سرد قصص من حياة السلف الصالح مع ربطها بالواقع -ويا ليت كذلك بأمثلة واقعية وعملية- سيكون عملا طيبا، فيمكن أن نتكلم بالطبع عن تقوى الله -تعالى- ومحبته ورجائه والخوف منه وإصلاح العقائد بشكل عملي إيماني -وليس نظريا تجريديا-، وأن نتحدث عن الصبر وأنواعه، وعن الزهد في الدنيا والعمل للآخرة، والذي يمكن أن نضمنه الشعور بالمسؤولية تجاه الأمة، وأن المؤمن لا يعمل لنجاة نفسه وفقط.
¥