اذا تصفحنا كتب التاريخ التى تناول هذه الحقبة من الزمن نجد انها توضح لنا ان مركز المرأة عند المصريين القدماء كان ارقى من مركزها عند كثير من الامم فالمرأة عندهم سامية القدر عالية المنزلة لها ان تتولى الملك اذا فقد الوارث للعرش من الذكور، ويرجع هذا الى الذكرى المجيدة التى خلفتها فى مصر الالهة ايزيس، ولكن برغم هذا لم يحكم مصر سوى خمس ملكات مقابل أربعمائة وسبعين ملكا 0 ويظهر ان ذلك يرجع الى شعور المصرية بانوثتها وانها ترى ان الملك أليق بالرجال حتى ان الملكة حتشبسوت من ملوك الاسرة الثامنة عشرة – والتى حكمت مصر 32 سنه اضطرت الى ان تلبس ثياب الرجال مراعاة للرأى العام 0
ومما يدل على تقديرهم للمرأة ان الملك لا يكاد يصور على الآثار الا مع زوجته ومما يدل ايضا على عنايتهم بالزوجة –هذه الوصية التى اذاعها متاحتب – ابن ملك من الاسرة الخامسة – لما طعن فى السن على بنى وطنه وجاء فيها 0
((اذا كنت عاقلا فاجد تموين بيتك واحبب امراتك ولا تشاحنها وغذها وزينها وعطرها ومتعها ما حييت فهى ملك يجب ان تكون جديرة بالمالك ولا تكن معها فظا غليظا)) وظلت المرأة المصرية القديمة ذات مكانة مرموقة فى المجتمع حتى استولى البطالمة على حكم مصر فانحطت منزلتها 0
فنجد ان فيلوباتور احد بطالمة اليونان قد حد من حق الزوجات فى التصرفات فيما يملكن فأمر بابطال تصرفهن الا بإجازة بعولتهن وبذلك وضع المرأة فى وصاية الرجل صاحب الحق فى توزيع الثروة 0
ومن العادات القبيحة التى اتبعها ملوك البطالمة ايضا اثناء حكمهم لمصر وتاثر بها المصريون بعد ذلك عادة زواج الاخ من اخته والأب من بنته واستمر اتباعهم لذلك التقليد طوال عهد حكمهم لمصر 0
وان كانت هذه العادة فى بادئ الامر قاصرة على الملوك ((فكان الملك يتزوج أخته الشقيقة او غير الشقيقة كما كان يتزوج من ابنته ليحتفظ بالدم الملكى نقيا خالصا من الشوائب)) 0
غير اننا نجد ان هذه العادة انتقلت بعد ذلك من الملوك الى عامة الشعب 0 ولما كان النظام الاجتماعى يقضى بتقسيم الشعب الى طبقات فقد عرف المصريون تعدد الزوجات عن طريق التسرى 0 فكان مباحا الرجل ان يتسرى بأى عدد من السرارى 0
فى الوقت الذى لم يكن مباحا له فيه الا ان يتزوج غير امرأة واحدة من طبقته وتكون زوجته سيدة سرارية اللواتى لم يكن لهن او لاولادهن اى حقوق قبل رب الاسرة 0
الا اننا نرى ان بعض الملوك قد شذ عن هذه القاعدة وتزوج بأكثر من زوجة 0 فرئيس عشرة الوجة القبلى أمينى الذى عاش فى الدولة الوسطى كان له زوجتان ولرمسيس الثانى زوجتان كما كان لتحمتس الرابع وامنوفيس الثالث والرابع اكثر من زوجة 0
والجدير بالذكر ان الحياء لم يكن من صفات المصريين القدماء البارزة فقد كانوا يتحدثون عن الشئون الجنسية بصراحة وكانوا يزينون هياكلهم بصور ونقوش قليلة البروز تظهر فيها اجزاء الجسم كلها واضحة اتم وضوح، كما كانوا يقدمون لموتاهم من الادب الفاحش ما يسليهم فى قبورهم، وكان اتصال الفتيان والفتيات قبل الزواج حرا ميسرا 0
******
2
المرأة في الحضارة البابلية
ان كانت المرأة فى مصر القديمة لها مكانه سامية فى بادئ الأمر كما ذكرنا فاننا نجدها فى الحضارة البابلية – وهى الحضارة الاخرى فى الشرق الادنى القديم – عديمة الاهلية محرومة من أى حقوق بما فى ذلك حقها فى الميراث لأن المرأة فى شريعة حمورابى – التى اشتهرت بها بابل – كانت تحسب من عداد المواشى المملوكة فلا يحق للزوجة ان ترث زوجها بعد موته كما لا يحق لها ان ترث اباها لان التركة كانت للذكور وحدهم الذين اعتبروا امتدادا لشخصية ابائهم 0 ليس هذا فحسب بل كان فى امكان الزوج ان يقدم زوجته لدائنيه ضمانا لديونه وان كان القانون قد حدد مدة هذا الرهن بثلاث سنوات لا غير فى بادئ الامر الا انه قد مد هذه المدة بعد ذلك الى اجل غير مسمى حتى اصبح نظام الاستدانة بضمان الزوجة نظاما مربحا للغاية بالنسبة للزوج كما كان من حق الزوج ان يحكم على زوجته بالموت غرقا لاتفه الاسباب كطلبها للطلاق او اذا كانت زوجة مشاكسة او مهملة لشئون بيتها وتربية اولادها 0 كما كان يحق له ان يلقيها فى النهر اذا ما شك فى سلوكها لانهم كانوا يعتقدون انها اذا كانت بريئة فان النهر سيلفظها – لأن آلهة النهر لا تظلم احدا 0
¥