وأن يوجه إلى المكتب فيتعلم القرآن وأحاديث الأخيار وحكايات الأبرار وأحوالهم ليغرس في نفسه حب الصالحين، ويحفظ عن الأشعار التي فيها ذكر العشق وأهله (6)، ويحفظ عن مخالطة الأدباء الذين يزعمون أن ذلك من رقة الطبع فإن ذلك ينبت في قلبه بذر الفساد، وينبغي أن يمنع عن النوم نهارا، فإنه يورث الكسل، ويمنع من أن يفتخر على أقرانه بشيء يملكه والده، أو بشيء من مطاعمه أو ملابسه، أو لوحه أو دواته، بل يعود التواضع والإكرام لكل من عاشره، والتلطف في الكلام معه (7)، ويمنع من أن يأخذ من الصبيان أو غيرهم شيأ، بل يعلمه أن الرفعة في الإعطاء لا في الأخذ، وأن الأخذ خسة ودناءة إن كان من أولاد المحتشمين، وإن كان من أولاد الفقر فيعلمه أن الطمع والأخذ مهانة وذلة وأن ذلك من دأب الكلاب، وأن لا يمتخط أو يبصق في مجلس غيره، ولا يستدبر غيره ولا يضع رجلا على رجل، ولا يضع كفه تحت ذقنه، ولا تحت رأسه، فإن ذلك دليل الكسل، ويعلم كيفية الجلوس.
* تأديب الطفل فيما يخص حديثه:
ويمنع كثرة الكلام، ويبين له أن ذلك فعل أبناء اللئام، ويمنع من الحلف رأسا صادقا كان أم كاذبا حتى لا يعتاد ذلك في الصغر (8)، ويمنع من أن يبدأ الكلام، ويعود أن لا يتكلم إلا جوابا وبقدر السؤال، وأن لا يهمل كلام من خاطبه، وأن يقوم لمن فوقه ويوسع له المكان، ويجلسه بين يديه (9)، ويمنع من لغو الكلام وفحشه ومن اللعن والسب، ومن مخالطة من يجري على لسانه شيء من ذلك، فإنه يسري لا محالة إليه من قرناء السوء، وينبغي للمعلم أن يمنعه من الصراخ والتشفع بالناس عند الضرب ويقبح ذلك عنده.
ــــــــــــ
1 - العنوان من صنعي وما يأتي من عناوين كذلك.
2 - أورد البخاري في صحيحه عن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ يَقُولُ:
" كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا غُلَامُ سَمِّ اللَّهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ "
3 - الأطباء اليوم ينصحون بذلك للمحافظة على الصحة.
4 - واليوم يعود الناس للطعام الخشن، كالخبز بالنخالة، لأنه أصح.
5 - قد لا يرى بعض التربويين الحديثين أن هذه المقارنة صالحة لتربية الطفل، لكني أرى أنها جيدة فهي تعتبر تربية بذكر المثال والقدوة، إلا إن تخللها تجريح وتحقير للطفل، فهذا خطأ في الأسلوب وليس في الطريقة، والله أعلم.
6 - عن علي بن المديني، قال: إذا رأيت الحدث (*) أول ما يكتب الحديث يجمع حديث الغسل وحديث " من كذب " فاكتب على قفاه: " لا يفلح".
(*) الصبي.
راجع علوم الحديث، لابن الصلاح.
7 - ورد في صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ:
"عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ "
8 - قال تعالى: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ}
قال ابن كثير:
وذلك أن الكاذب لضعفه ومهانته إنما يتقي بأيمانه الكاذبة التي يجترئ بها على أسماء الله تعالى، واستعمالها في كل وقت في غير محلها." أهـ
فيظهر أن الكاذب من يكثر الحلف، لأنه هان على الناس من كثرة كذبه فراح يحلف ليثبت صحة حديثة بكثرة، فتعويد الطفل وإن كان صادقا مذموم دينيا وتربويا، وكما قيل في المثل:
(قيل للكاذب احلف، فقال (لنفسه): أتاكِ الفرج)
9 - ورد في سنن الترمذي عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:
" جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنْ يُوَسِّعُوا لَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا " (صححه الألباني).
ـ[ابو هبة]ــــــــ[27 - 10 - 09, 10:10 م]ـ
الحمد لله تعالى أنا بخير أخي الكريم
¥