تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مظهر وجوهر]

ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[13 - 12 - 10, 05:07 م]ـ

تهادت الفتاة في ثقة، لتقتحم القاعة رافعة الرأس ..

التفتت إليها العيون في حسد وانبهار فادارت عينيها في الجمع بنظرة قوية وقد اتسعت ابتسامتها في غرور.

اختارت مكان عالٍ لتجلس فيه واضعة ساق فوق أخرى ...

هل كانت جميلة؟!

سؤال محير حقا! فملامحها عادية وقد تبدو للمتأمل .. قبيحة!

لكنها كانت ترتدي ثوبا رائعا من الحرير المرصع بالجواهر التي تلألأت تحت الأضواء، وقد تحلّت بالذهب والماس وتفوحت بالعطر الثمين.

فهل أثر المظهر في الجوهر؟

**********

ترددت في مشيتها عندما وقعت عيناها على تلك الفخامة التي غرقت فيها القاعة الفسيحة، كانت تود لو تنشق الأرض فتحتويها وتخفيها عن تلك العيون التي تطلعت إليها في عدم اكتراث ثم مرت من فوقها كأنها .. لا شيء.

كانت بارعة الجمال بكل المقاييس ولكن تلك البراعة اختفت لشدة سطوع الأضواء المبهرة التي راحت تعبث هنا وهناك لتتألق فقط على أسطح اللآلئ الثمينة.

رداؤها الرخيص وحليٍ تآكل بفعل الصدأ ساهما في جعل جمالها شحوبًا ورشاقتها ترهلًا.

خفضت بصرها لتدس النقود في يد العامل وتتناول ما اشترته في سرعة لتغادر المكان غير معقبة.

فهل أثر المظهر في الجوهر؟

*************

مظهر وجوهر ... كلاهما يؤثر في الآخر تأثيرًا واضحًا يراه كل من ألقى البصر وهو شهيد. فالشعور بالثقة أو الغرور أو الدونية أو المرح أو الحزن .. الخ لا ينشأ منفصلًا عن مظهرنا الخارجي، كما أن مظهرنا الخارجي لا ينفصل عن تلك المشاعر الداخلية.

فمن شعر بشيء من الضيق أو الحزن فقام واغتسل وتعطر وارتدى ملابس فضفاضة يشعر بأن تلك المشاعر خفتت قليلا بل قد تذهب تماما بهذه الأفعال البسيطة، كما أن من يرتدى ملابس جديدة وأنيقة لا ريب أنه سيشعر ولو بشيء من السعادة والمرح.

وقد أباح الإسلام حسن المظهر بل حث عليه بلا إسراف ولا تعد [1]، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا. قال: إن الله جميل يحب الجمال. الكبر بطر الحق وغمط الناس" رواه مسلم

وقال صلى الله عليه وسلم:" البسوا ثياب البياض فإنها أطهر وأطيب " صحيح ابن ماجة للشيخ الألباني

وقال صلى الله عليه وسلم:" عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء. قال زكرياء: قال مصعب: ونسيت العاشرة. إلا أن تكون المضمضة."رواه مسلم. ولا يخفى أن كل هذه التوجيهات متعلقة بنظافة المظهر.

إذا تقرر ذلك فهمنا بعض أسباب وحكم كثير من التشريعات الإسلامية المتعلقة بالمظهر مثل الأمر باللحية للرجال والحجاب للنساء.

فمن التشريعات التي تظهر فيها علاقة الظاهر بالباطن حجاب المرأة المسلمة فأمر الله تعالى النساء بالحجاب ونهاهُنّ عن إبداء الزينة وذلك أمر ونهي متعلقان بالمظهر وبيّن الله تعالى من تعليل هذا الأمر طهر القلب للرجال والنساء وهو من الباطن. فقال عز وجل: "وإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ" سورة الأحزاب-53

ومما يؤسف له في الواقع شعور البعض بالحرج والضيق من الحجاب فإن هذا يدل على خللٍ في القلب لأن هذا الترابط القوي بين المظهر والجوهر يستلزم لمن شعر بالمحبة والرضا والقبول لما أمر الله تعالى به، أن يشعر بالفرح والسرور والفخر عند تطبيقها فيسارع للطاعة محبة لله وشوقًا لما عنده سبحانه، مثلما فعلت نساء الأنصار على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعن أم سلمة قالت: لما نزلت "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ " خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية" صححه الالباني في صحيح أبي دواد.

فيقول المؤمن بلسان حاله ومظهره:

ومما زادني فخرا وتيها ... وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي ... وأن أرسلت أحمد لي نبيا

وقد اهتم الإسلام بتمييز الشخصية المسلمة في مظهرها عن غيرها فأمر النبي صلى الله عليه وسلم قائلا:" إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم" متفق عليه من حديث أبي هريرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير