تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عقبات في طريق الالتزام 3 - : (ظلم الضعفاء) للشيخ محمد المختار الشنقيطي]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[20 - 01 - 08, 07:49 م]ـ

من بلاء بعضنا اليوم -وماأبرئ نفسي- أنه لا يحترم إلا ذوي الجاه والمال والأحساب ,حتى إنك لترى حامل القرآن وطالب العلم الذي قُدر عليه رزقه في أطراف المجالس لا يأبه به غاب أو حضر , ويتوسطها الفجار المجاهرون ,وربما دخل الغني فقام الناس إجلالا له وما فيهم من تخفى عليه فظائعه ومعاصيه وبوائقه التي يجاهر ويفاخر بها , ولَذاك المجهول المنسي -وايم الله- خيرٌ من مِلئ الأرض من هذا, ولربما ترى الرجل ملتزماً في ظاهره يباسط جلسائه ويضاحكهم ويلين لهم الجانب ويخفض لهم الجناح , ولكن إن جالسه أو لاقاه ذو هيئة رثة ومظهر يدل على الفقر والضعف بالغ في الجفاء -وكأنه قاتل أبيه- وإن تعجب فعجبٌ ظلمُ بعض أولئك لمن تحت أيديهم من العمال والخدم وبخسهم حقوقهم واعتدائهم عليها , فأي التزامٍ هذا.؟!

أي التزام في جعل من ولدتهم أمهاتهم أحرارً يعيشون حياة الرق والعبودية في بيوت يزعم أربابها الالتزام والاستقامة.؟!

أي التزامٍ في أن يكون الرجل حسن الخلق مع الرجال وما حمله على ذلك إلا الجبن والخور , فإذا دخل على زوجه وبناته رأيت أسداً يزأر من كل صغير وكبير , تنزع الرحمة من قلبه لا ينطق إلا سوءاً وكانه مدرب عسكري يستعد لخوض حرب ضروس مع أحزاب الأعداء.؟!

أي التزام في إهانة الضعفاء الذين لا ناصر لهم إلا الله , وأي التزام في إجلال الفساق والعصاة الفجار وأكلة الربا المجاهرين بذلك الخزي الذين لا سيتحون من الله ولا من الناس.؟!

يقول شيخنا حفظه الله عن أمير المؤمنين في الحديث (شعبة) رحمه الله:

أثنى عليه العلماء وأثنى عليه الأجلاء وكان سُفيان الثورى -رحمه الله- يُعظِّمه ويُجِله ويقول: شُعبةُ أمير المؤمنين في الحديث، وهو الذى يُحكى عنه من قوة حفظه أنه قال:" ما خططتُ سوداء في بيضاء، ولا سألت رجلاً أن يُعيد حديثه علىَّ مرتين "، وكان -رحمه الله- آيةً في الحفظ والإتقان وجمع الله له العلماء والأجلاء فروى عنهم وحدَّث حدَّث عن أكثر من ثلاثمائة من الأجلاء والتابعين وهذا فضلٌ عظيمٌ قلَّ أن يتيسَّر لغيره -رحمه الله برحمته الواسعة-.

هذا الإمام العظيم مع علمه بالحديث وروايته له كان من الأئمة النُقَّادِ فكان عالِماً بالجرح والتعديل حتَّى عدَّه الإمام يحيى القطَّانُ إمامَ الجرح والتعديل أي أول من جرَّح وعدَّل ومنه أخذ العلماء كثيراً من علم الجرح والتعديل، فله بعد الله عز وجل في ذلك الفضل وكذلك كان رأساً في العلم والعبادة، والخير والصلاح والزهادة كان كثير الصلاة والصيام، حَسَنَ العبادةِ والقيام أُثرعنه -رحمه الله- أنَّه رُبَّما ركع حتى إذا رآه الإنسان ظَنَّ أنَّه نسى، وذلك من طُول ركوعه-عليه رحمة الله-وكان كذلك يجلس بين السجدتين حتَّى يُظَنَّ أنَّه نسى، وكان -رحمة الله-يُكثر الصيام حتَّى حُكى عنه أنه صام الدهر فإن صحَّ هذا عنه فالسُّنَّةُ على خلاف ذلك فلاأفضل من صيام نبىِّ الله داودَ -عليه الصلاة والسلام- يصومُ يوماً، ويُفطر يوماً كما ثبت الخبر عن سيد البشر-صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين- ومع هذا العلم والفضل، والخير والنَّوْل كان كثير العطف على الفقراْء والمساكين، كثير الرحمة بالضعفاء والمحتاجين حتَّى قال عنه النَّضْرُ -رحمه الله-:"ما رأيتُ أرحمَ بالمساكين من شُعْبَة"، وكذلك حكى عنه الإمام يحيى القطان-رحمه الله-" أنَّه كان لا يَرُدُّ أحداً سأله "وذلك من جوده -رحمة الله عليه -وكثير فضله وقلَّ أن يجتمع للإنسان هذا الخير أن يكون عالِمَاً حَسَنَ الأخلاق كريمَ العشرة كثير العطف على الضعفاء والفقراء إلاَّ كان ذلك من أصدق الدلائل على عُلُوَّ شأنه ورفعةِ مكانته عند ربِّه فلذلك جمع-رحمه الله-بين العلم والعمل ورُبَّما جاءه السائلُ وبكى عنده فقد ذكروا عنه أنَّه اشتكى له رجلٌ ذات يومٍ وبكى في مجلسه، وأنَّه أضاع دابَّتَه وكانت بثلاثةِ دنانير فأدخل شُعبةُ -رحمه الله- يده وأخرج ثلاثة دنانير وقال: خُذْها، والله إني لا أملك غيرها .. !! -رحمه الله برحمته الواسعة- وهكذا كان أئمة السلف يعطفون على الضعفاء، ويُحسنون إلى الفقراء وذلك هو شأن الصالحين ودأب العلماء، حتَّى قال القائل عن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير