تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[عن (نحن) أتحدث]

ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[13 - 12 - 10, 05:57 م]ـ

عن (نحن) أتحدث!

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدهُ تعالى ونَستَعينُه ونَستَهدِيه ونَستَغفِرُهُ ونَعوذُ باللهِ مِن شُرورِ أَنفُسِنا ومِن سَيئاتِ أَعمالِنا، من يَهدهِ اللهُ فلا مُضِلَ لهُ ومن يُضللْ فلا هَاديَ لهُ وأَشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لهُ وأَشهَدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه أما بَعْدُ،

فلا يَخْفَى على عاقلٍ أنَّه يَجِبُ على الإِنسانِ أن يتَّبِعَ أَمرَ اللهِ في كُلِّ شَأْنِهِ فلا يُخَالِفُهُ ولا يُوَاقِعُ مَحَارِمَهُ، وأن يصُونَ عنِ الرَّذائِلِ قَلبَهُ ولِسَانَهُ وجَوارِحَهُ، وإنّهُ مما يُؤْسَفُ له أن نَتَعَاطَى المعاصي ليلَ نهارَ في السِّرِّ والعَلَنِ ولا نَستَحي مِنْ رَبِّ العَرشِ العَظِيمِ، لا سِيَّما ونحنُ نَعْلَمُ أنَّ لكل إِنسَانٍ موعدًا لابد أنَّهُ مُلاقِيهِ وأنَّ الجنَّةَ حُفَّتْ بالمكَارِهِ وأَنَّ النَّارَ حُفَّتْ بالشَّهَوَاتِ وأنَّ القَبْرَ حَقٌ وأنَّ لهُ ضَمَةٌ وأنَّ عَلينا أن نَعمَلَ لِآخِرَتِنا كأنَّنَا نَمُوتُ غَدًا "فَاتَّقُوا اللهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الذِّينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللهُ إِلَيكُم ذِكْرَا" سورةُ الطلاقِ من الآيةِ 10

لحظة من فضلكَ ..

لماذا تَتَلفَّتُ حولِكَ و تَهِزُّ رَأْسِكَ مُتِأَسِّفًا عَلى حَالِ العبادِ؟! ...

لماذا تَتَنَهَّدُ بأسَى عَلى فَسَادِ البِلَادِ؟! ...

أيُّها القارئُ اللَّبيبُ .. الفَطِنُ الأَرِيبُ .. تَنَبَّهَ!!

أنا لا أتحدثُ عن (هُمْ) بَلْ .. عن (نَحْنُ) أتَحَدثُ!.

نعم، أَتَحَدَّثُ عَن أَنفُسِنا، عَن (نَحْنُ) عَن مَعَاصِينَا التي نَظُنُّ أنَّها أَدَقُّ منَ الشَّعرةِ، لا أَتَحَدَّثُ عَن مَعَاصِي (هُم) و (هَؤُلاءِ) التيِ نَرَاهَا أَكْبَرُ من الجِبَالِ وَأَشَدُّ هَوْلًا مِنَ أَمْوَاجِ البِحَارِ، أَتَحَدَّثُ عَن مَعاصِينَا التي نَظُنُّ أنَّ اللهَ تعالى قد غَفَرَها لنَا دُونَ أن نُكَلِّفَ أَنفُسَنَا عَنَاءَ الاستِغْفَارِ، ولا أَتَحَدَّثُ عَن مَعاصِي (هُم) التي نَشْعُرُ – وإن لم نُصَرِّحْ أنَّ اللهَ لَن يَغْفِرَها لِـ (هُمْ)، لمجرَّدِ أنَّ (هُم) ليسُوا (نَحْنُ).

عَن (نَحْنُ) أَتَحَدَّثُ!!

لماذا إذا سَمِعنَا مَوْعِظَةً تُحَذِّرُ مِنَ المعاصِي والآثامِ، فأولُ ما يجولُ بخاطِرِنَا هُو الأَسفُ عَلَى حَالِ (هُمْ)، وإذا سَمِعْنا بُشرَى عن أَهلِ الأُجورِ وجَنَّاتِ النَّعيمِ تَهَلَّلَتْ نُفُوسُنَا فيِ حُبورٍ فَـ (نَحْنُ) أَوَّلُ الفَائِزينَ!

إن الفَرَحَ بِفَضلِ اللهِ والاسْتِبشَارَ بِهِ حَسَنٌ، وَلَكِن بَدأَ الأمرُ يَتَحَوَّلُ فيِ نُفُوسِنَا إلى ثِقَةٍ أنّ (نَحْنُ) أَهْلُ الخيرِ، وأنَّ (هُم) أهلُ كلِّ الشُّرورِ .. ! هكذا باطِّرادٍ!

وكَأَنَّ جُلُودَنا لمْ تَقْشَعِر خَوْفًا من تَحذِيرِ المَوْلى عَزَّ وجَلَّ:" واتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيَبَنَّ الذِّينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ" سورةُ الأنفالِ 25

نُخَالفُ ونعصِي ونَأمَنُ مَكْرَ اللهِ ونُحْسِنُ الظَّنَّ فيِ أنفُسِنَا ونَتَمَنَّى على اللهِ السَّلامةَ [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/#_ftn1) ، ثُمَّ لمَ نُكْتَفِ بِهَذَا بلْ أَزَحْنَا عَن كَاهِلِنَا عَنَاءَ الشُّعُورِ بالذَّنْبِ وَأَلْقَينَاهُ عَلَى عَاتِقِ (هُم) المُذْنِبِينَ الآثِمِينَ، وكَأَنَّ قُلُوبَنَا لم تَرْتَجِفْ لِقَولِهِ تَعَالَى:" فَلْيَحْذَرِ الذَّينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُم فِتْنَةٌ أَو يُصِيبَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ "سورةُ النُّورِ 63

عَنْ (نَحْنُ) أَتَحَدَّثُ!! عَن هَذا الكَيانِ الذي يَعِيشُ في الشَّهَوَاتِ والشُّبَُهاتِ ويَظُنُّ أنَّ كَونِهِ (نَحْنُ) يَجْعَلُهُ أَهْلًا للجَنَّةِ ويَجْعَلُ (هُم) أَهلًا للنَّارِ.

كَم صَدَرَ مِنَّا من مَعَاصٍ فَكَأَنَّهَا ذُبَابٌ وَقَعَ عَلَى أَنفِ أَحَدِنَا فَقَالَ لهُ بِيَدِهِ هَكَذَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير