تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالمواسم وبالعَوارِض الطبيعيَّة الجويَّة؛ مثل: البرد والحر والاعتدال في الجو، وأنَّ مسمياتها - أي: الشُّهور المسمَّاة

بها - كانت شهورًا ثابتةً في الأصل، لكن اتباع المسلمين التقويم القمري دعا إلى تحرُّك الشهور وتنقُّلها في

الفصول، لكون الشُّهور القمريَّة غير ثابتة على نمط الشُّهور الشمسيَّة.

بداية السنة في الجاهليَّة بالشهر المحرَّم؛ لذا أُبقِي عليه بعد الإسلام أوَّل السنة من التقويم الهجري، مع العلم

أنَّ هجرة الرسول إلى المدينة لم تكن في شهر "محرم" حتى يكون الشهر الأوَّل من السنة الهجريَّة لهذه

المناسبة؛ "إذ كانت الهجرة في شهر ربيع الأول، وأرخ بها؛ لذلك يكون الابتداء بشهر محرم هو إقرار لما كان عليه

الجاهليون من ابتدائهم بـ"محرم"، مبدءًا لشهور السنة" [7].

المواقيت الهجرية ومعانيها:

محرم: سُمِّيَ بذلك لأنَّ العرب قبل الإسلام حرَّموا القتال فيه.

يذكُر الإخباريُّون أنَّ الاسم القديم للمحرَّم هو صفر، وكان يُعرَف عندهم بـ"صفر الأول"، ثم قيل له "المحرم"، وقد

عُرِف الشهران: المحرم وصفر لذلك بـ"الصفرين"، ويظنُّ بأنَّ التسمية الجديدة - أي: المحرم لصفر الأول - إنما

ظهَرتْ في الإسلام، وذهَب بعض عُلَماء اللغة إلى أنَّ لفظة "موجب" هي الاسم العادي للمحرم؛ أي: التسمية

القديمة لهذا الشهر عند قدماء العرب، فلفظة "محرم" إذًا لم تكن تسميةً لذلك الشهر، وإنما كانت صفةً له

لحرمته، ثم غلبت عليه فصارت بمنزلة الاسم العلم عليه، وأمَّا اسمه عند الجاهليين، فهو: صفر، أي صفر الأول،

تمييزًا له عن صفر الثاني، الذي اختصَّ بهذه التسمية - أي: "صفر" - بعد تغلُّب لفظة "المحرم" على صفر الأول؛

بحيث صار لا يُعرَف إلا به، فصار صفر لا يُعرَف بعد ذلك إلا بـ"صفر" [8].

قال "السخاوي": "إنَّ المحرم سُمِّي بذلك لكونه شهرًا محرمًا، وعندي أنَّه سُمِّي بذلك تأكيدًا لتحريمه؛ لأنَّ العرب

كانت تتقلَّب به فتحله عامًا وتحرِّمه عامًا".

وذكَر أنَّ المحرم لم يكن معروفًا في الجاهلية، "وإنما كان يُقال له ولصفر: الصفرين، وكان أوَّل الصفرين من أشهر

الحرم، فكانت العربُ تارَةً تحرِّمه، وتارَةً تُقاتِل فيه، وتحرِّم صفر الثاني مكانَه"، "فلمَّا جاء الإسلام، وأبطَلَ ما كانوا

يفعَلُونه من النَّسِيء، سمَّاه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - شهر الله المحرم".

وهذا عند العلاَّمة "بكر أبو زيد" اشتباهٌ وقَع فيه أهل اللغة، سننقل بيانه حالَ ذكر شهر صفر، غير أنَّ تسميته

كانت "محرم" بغير "أل" التعريف، فعرف للدلالة على ثباته؛ إذ كان أهل الجاهلية يحرِّمونه عامًا ويحلُّونه آخَر، فأنكر

الله عليهم ذلك، وعرف لثبوت حرمته.

قال الطبري في تفسيره الآية: ? فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ

وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ? [التوبة: 5]: ? فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ?، وهي الأربعة؛ يعني: عشرين من ذي الحجة

والمحرم وصفر وربيعًا الأول، وعشرًا من شهر ربيع الآخر، وقال قائلو هذه المقالة: قيل لهذه: الأشهر الحرم؛ لأنَّ

اللّه - عزَّ وجلَّ - حرَّم على المؤمنين فيها دماء المشركين والعرض لهم إلا بسبيل خير" [9].

صفر: سُمِّي بذلك لأنَّ ديار العرب كانتْ تَصْفَر؛ أي: تخلو من أهلها؛ لخروجهم فيه ليقتاتوا، ويبحَثُوا عن الطعام،

ويُسافِروا هربًا من حرِّ الصيف.

ومن الضَّلالات التي اعتَقدَها العربُ؛ اعتِقاد أنَّ شهر صفر شهرٌ مشؤوم، وأصْل هذا الاعتقاد نشَأ من استِخراج

معنى ممَّا يقارن هذا الشهر من الأحوال في الغالب عندهم، وهو ما يَكثُر فيه من الرَّزايا بالقِتال والقَتل؛ ذلك أنَّ

شهر صفر يقع بعد ثلاثة أشهر حرم نسقًا، وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وكان العرب يتجنَّبون القِتال

والقَتل في الأشهر الحرم؛ لأنَّها أشهر أمْن؛ قال الله - تعالى -: ? جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ

وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ ... ? [المائدة: 97] الآية، فكانوا يقضون الأشهر الحرم على إحنٍ من تطلُّب الثارات والغزوات، وتشتت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير