ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[19 - 12 - 10, 07:16 م]ـ
ذهبت إليه في آخر اليوم ووجهي ينطق بما سيتلفظ به لساني، ابتدرني في عذوبة: أأنت متزوج؟
نسيت غضبي وإنكاري للمنكر أمام ابتسامته وحسن خلقه، قلت له وقد لانت عريكتي قليلاً: لا.
اتسعت ابتسامته وقال: إذًا لن يطالبك أحد بسرعة العودة إلى المنزل، يمكنني أن أدعوَك لتناول الغداء، قلت له وقد عاد التوتر يكسو ملامحي: أنا، أنا لا آكُل في أماكنَ مشبوهةٍ، ابتسَم في لطف وقال: جيد، أنا أيضًا لا أفعل، سنأكل في مطعم يملكه بعض الإخوة يتحرون الحلال، فلا تَخْشَ شيئًا.
تَبعتُه كالمسحور، وكانت بداية الانقلاب في حياتي.
ترى ماذا دار في هذا اللقاء؟
ذهبت إليه في آخر اليوم ووجهي ينطق بما سيتلفظ به لساني، ابتدرني في عذوبة: أأنت متزوج؟
نسيت غضبي وإنكاري للمنكر أمام ابتسامته وحسن خلقه، قلت له وقد لانت عريكتي قليلاً: لا.
اتسعت ابتسامته وقال: إذًا لن يطالبك أحد بسرعة العودة إلى المنزل، يمكنني أن أدعوَك لتناول الغداء، قلت له وقد عاد التوتر يكسو ملامحي: أنا، أنا لا آكُل في أماكنَ مشبوهةٍ، ابتسَم في لطف وقال: جيد، أنا أيضًا لا أفعل، سنأكل في مطعم يملكه بعض الإخوة يتحرون الحلال، فلا تَخْشَ شيئًا.
تَبعتُه كالمسحور، وكانت بداية الانقلاب في حياتي.
ترى ماذا دار في هذا اللقاء؟
ركبنا وسيلة من وسائل المواصلات العامة، كنت متحفزًا جدًّا، لكن لا أستطيع النطق، وكان هو هاشًّا باشًّا، يبتسم في وجه كل مَن قابلنا، ويلقي التحية، استفزني هذا أيضًا.
ثم قابلنا قسًّا، قام وأجلسه مكانه، ثم أخرج من جيبه مطويةً عن الإسلام، وابتسم في وجهه وأعطاها له، وقال مبتسمًا: هدية، هدانا الله وإياك، ثم سحبني من يدي في هدوء لننزل ونركب وسيلة أخرى، إلى هنا لم أحتمل: "تسلِّم على غير ملتحين، وغير ملتزمين، احتملت منك هذا، لكن تبتسم في وجه قس! لا وألف لا، أين البراء؟ تقر المنكر والكفر؟! "، كذا انطلقت العبارة من فمي كالرصاص.
التفتَ إليَّ والابتسامة لا تزال على وجهه، وقال: بل أنا أدعوهم إلى الله.
توقفت فجأة حتى كدتُ أقع على الأرض، استندت إلى ذراعه، وحدقت في وجهه بغضب عارم، يخامره الكثير من الدهشة، ثم قلت في غضب: دعوة! وأين الدعوة مما تفعل؟!
قال بهدوء: أنت تعلم ما يقولون في كل وسائل الإعلام؛ الملتحون إرهابيون، أليس كذلك؟
قلت في حيرة: بلى.
قال: الآن أنا أثبت لهم أن الملتحين هم الملتزمون حقًّا بشريعة الإسلام، وأنزع من رؤوسهم عمليًّا فكرةَ أن اللحية إرهاب، ألم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وتُسلِّم على مَن عرَفت ومن لم تعرف))؟
قلت: بلى؛ لكنه أيضًا قال إن إنكار المنكر باليد أو اللسان أو القلب، فإذا عجزنا عن الإنكار باليد واللسان، فلا أقل من القلب، وهو الهجران.
قال مبتسمًا: لا تَعارُض، لكن قل لي أخي أولاً: هل يصح أن تنكر على جاهل بالهجران، فلا يفهم لِمَ هجرتَه؟
صمتُّ برهة، وأنا أحاول استيعاب كلماته، ثم قلت في حيرة: معذرة لم أفهم.
قال: أعني أن اليوم الكثير ممن يفتي في وسائل الإعلام ليس ملتحيًا، ويقول: إن اللحية ليست فرضًا، بل لا بأس عليه إن قال أيضًا: إنها بدعة، وإن مصافحة النساء جائزة، وإن الأغاني شيء جميل جدًّا، ويبيح الحرام ويزينه؛ بل بلغ ببعضهم الجرأة بمساواة أهل السنة مع أهل البدع من الفرق الضالة؛ بل مع النصارى واليهود، ويقول: إن الأديان عند الله سواء، أليس كذلك؟
قلت في حيرة أكبر: بلى.
قال: إذًا لو هجرتَ المجتمعَ كله، هل سيفهم الناس أنهم على خطأ، وأنك هجرتهم للمعاصي؟
هل سيفهم النصراني أن الحق في الإسلام، وأن النصرانية واليهودية خطأ؟ وقد ظهر أهل العمائم في الوسائل الإعلامية ليقولوا خلاف ما تقول أنت؟ باختصار هل بلغت الرسالة؟
صَمَتُّ وقد هزني منطقُه، قال وهو يبتسم في خفة: أخي قد بلغْنا المطعمَ، دخلت معه ورأسي يقلب كلامه على كل الوجوه، جلس وطلب الطعام، طال بنا الحديث، وتطرقنا إلى أمور شتى، لكنَّ ذهني كان مشغولاً بكلامه، رفعت رأسي فجأة، ثم قلت: حسنًا، أنت إذا وجدتَ أمك أو أختك تفعل شيئًا حرامًا، تسمع أغانيَ مثلاً، أو تشاهد التلفاز، وقد قلت لها مرارًا وتكرارًا: إن هذا حرام، ماذا تفعل؟
¥