[رسالة لطيفة إلى الزوجين]
ـ[سارة بنت محمد]ــــــــ[14 - 12 - 10, 01:50 م]ـ
رسالة لطيفة للزوجين
إنَّ الحمد لله، نحمَده تعالى ونَستعينُه ونستهديه، ونَعوذ بالله من شُرور أنفُسِنا ومن سيِّئات أعمالنا، مَن يهْدِه الله تعالى فلا مضلَّ له، ومَن يُضْلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه.
أيُّها الإخوة والأخوات،:
حديثُنا اليوم عن الزَّواج ومرحلته الأولى؛ نظرًا لأهمّيَّة هذه المرحلة ودوْرها في ترتيب الحياةِ في البَيْت الجديد إلى آخِر العمر، لكنَّنا سنختصُّ بالحديث العلاقةَ الثنائية دون الخوض في العوامِل الخارجة عن الطَّرفين، فلهذا مقام آخر.
فالزَّواج ليس مجرَّد انتِقال من حال مؤقَّت لحال مؤقَّت آخر، الزَّواج انتِقال من حالٍ مؤقَّت لحياة كاملة، ننتقِل فيها – أي: الرَّجُل والمرْأة - من خانة عدم التقيُّد بشيءٍ - مهما كانت الحياة في بيت الأهل أو بغير زواج - إلى خانة المسؤوليَّة الكاملة عن كلِّ شيء.
فالرَّجُل بعد أن كان يأخُذ "مصروفًا"، أو يعمل ليُنْفِق على نفسِه وقد يُساهم أو لا يُساهم في بيْت أهله، صار اليوم مسؤولاً عن بيتٍ كامل، عليه أن يُنفق عليْه ويتحمَّل كلَّ كبيرةٍ وصغيرة فيه، هذا بندُ النَّفقة، والبنود كثيرة في الحياة الزوجيَّة.
والمرأة بعد أن كانت تُساهم في البيت مع أمِّها وأخواتها بترْتيب أو تنظيم أو طبْخ، أو لا تُساهم أصلاً، صارتْ مسؤولةً بشكْل كامل عن بيتٍ وحدها - ولو كان معها خادم فهي أيضًا مسؤولة بالكامل؛ فالخادم لن يدير البيت - وهذا بندٌ واحد أيضًا في الحياة الزَّوجيَّة، والبنود كثيرة.
ونظرًا للتَّربية الخاطِئة المنتشرة في البيوت، فإنَّ الغالب ألاَّ يكون أيّ الزَّوجين معدًّا لهذه المسؤوليَّة بصورة صحيحة، اللَّهُمَّ إلاَّ القليل.
فالواقع أنَّ أوَّل الزَّواج يحدث اصطدام كوْني رهيب بين الفردَين، يُشبه اصطِدام كوكب بكوكب آخر، وهذا على جَميع المستويات، بدءًا من كوب الشَّاي والماء، إلى جَميع الأنشِطة الحياتيَّة اليوميَّة.
وينقشِع الغبار الكوْني المتناثر من هذا الاصطِدام الرَّهيب عن كوكبٍ صغير جديد، يبدأ الحياة ليزدادَ يومًا بعد يوم وتتْبعه أقمار ويدور في فلَك.
ويُمثِّل العام الأوَّل من الزَّواج أكثرَ الأعْوام مشاكلَ وأرقًا بين الزَّوجين - إلاَّ مَن رحم ربِّي - لأنَّه مع الصدام النَّاشئ عن الاختِلاف في التَّربية يُضاف الضَّغط النَّفسي النَّابع من الأعْباء الجديدة، فيجتمع العاملان كأشدّ ما يكون في العام الأوَّل ليكون الصدام مروعًا.
وأنا أجزِم لكلِّ زوْجٍ وزوجة ممَّن تزوَّج حديثًا أنَّ: كلَّ هذه المشاكل التي تبْدو اليوم عقبةً ليس لها حلّ وتنغِّص العيش، ستصير بعدَ أقلَّ من عامٍ هباءً منثورًا لا قيمةَ له، وأحيانًا يَصير هذا بغير عمَل من الزّوج، فقطْ هي الألفة والمودّة التي أذابت الصخور الفولاذيّة التي ظننَّاها يومًا لن تنزاح.
ويُشَبّه البعض الحياةَ الزَّوجيَّة بحجرَين صلبين، العام الأوَّل يظلّ الحجران يحتكُّ أحدُهما بالآخَر احتكاكًا قد ينتج عنه شررٌ في بعض الأحيان، وقد تشتعل النَّار، فإذا احترق أحدُ الحجرين أو كلاهما فشلت الحياة الزَّوجيَّة، أمَّا مع ثبات الحجَر واستِمْراره في الاحتِكاك برقَّة قد لا تنتج نار أو تنتج نار ضعيفة - بحسب الظُّروف الخارجة عن الزَّوجين والَّتي لن نتناولَها في هذا المقال - حتَّى نجد في النِّهاية أنَّ الحجرين صارا أملسَين من جَميع الجوانب، وصارا قادِرَين على البقاء مُتلاصقَين بغير مسافات كأنَّهما كتلة واحدة، فهذه هي الحياة الزَّوجية النَّاجحة.
فلا بدَّ أن يدرك كلا الطَّرفين أنَّ المشاكل واردة جدًّا، وأنَّها عرض طبيعي بل صحّي تمامًا، وأهمّ علاج هو العطاء، فعلى كلا الطَّرفين أن يعطي، لا أن يُطالِب الطَّرف الآخَر بالعطاء، يُعْطِي حنانًا، محبَّة، بسمة، هديَّة يسيرة، اجتهادًا في المسؤوليَّة ... إلخ.
¥