تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعم من شدد على الناس شدد الله عليه، ومن ضيق على عباد الله ضيق الله عليه جزاءً وفاقاً، فارحم هؤلاء الغرباء، وارحم هؤلاء الضعفاء، وأحسن إليهم وخذ منهم على غالب حالهم، واعلم أن الله عز وجل قبل منا أن تثقل موازيننا ولم يقبل منا أن تكمل ولم يفرض علينا أن تكمل المسلم قال الله-تعالى-: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} ما قال: (فمن كملت) معناه عندنا التقصير وعندنا النقص، تحاسب عامل جاء يرمي بزوجته وأولاده وراء ظهره ليس عنده سيارة ولا مركوب، فجاء يلهث يجري على عمله، وتأخر الخمس دقائق والعشر دقائق والربع ساعة تقول: ما لك شيء، ثم أنت تتأخر عن الصلاة المفروضة وتتأخر عن الصلوات وتنام عنها ثم تأتي ولا ترى لنفسك خطأ ولا خللاً، إنا لله وإنا إليه راجعون {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} لا يجوز التسلط على مال العامل، وعلى كل مسلم أن يتقي الله وأن يوفي الأجير أجره - نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يسلمنا وأن يسلم منا -

ــــــــــــــــــــــــــــ

وفي بَاب مَا جاَءَ في الإِشَارَةِ فِي الصَّلاَةِ وبَاب مَا جَاءَ أَنَّ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ من سنن الترمذي:

تقول السائلة: إذا كان الزوج يغضب بمجرد سؤاله وطلب المصروفات والمستلزمات فكيف أستطيع التعامل معه إذ أني أخشى من الوقوع في الإثم؟

الجواب:

إلى الله المشتكى! مصيبة عظيمة إذا كان صاحب الحق لا يصل إلى حقه إلا بمهانة ولا يصل إلى حقه إلا بضيق وحرج، ما هؤلاء بخيار الأمة، إذا كان الزوج مع زوجته لا تستطيع زوجته أن تصل إلى حقها إلا وقد أحاطت بها الأمور المحرجة من كل جانب فأخذت تتلطف وتتملق حتى تصل إلى حقوقها فهذا-نسأل الله السلامة والعافية- يعني من حرمان الإنسان الخير، فإن المؤمن الصالح الكامل الفاضل هو السهل المُسهَّل الموطأ كنفه، الحبيب إلفه الذي يستطيع كل إنسان أن يصل إلى حقه عنده بدون صعوبة وبدون حرج وبدون ضيق.

الزوج إذا أراد أن يصل إلى مراتب الكمال هو الذي يسأل زوجته هل لك من خدمة أقدمها ويبذل لها حقها قبل أن تسأل فضلاً عن أنه يتنظر منها أن تسأل حقها، وينتظر منها أن تسأل حقها بطريقة تتكلف فيها حتى لا تزعجه أو تقلقه على الإنسان أن يراجع نفسه وأن ينزل نفسه منزلة المرأة، وهكذا بالنسبة للعمال والأجراء والضعفاء والموظفين والمستخدمين الذين هم تحت الإنسان إذا أراد الإنسان أن يسلك المسلك المحمود وأن ينجو في اللقاء المشهود فلينزل نفسه منزلة الضعفاء، وإذا أرادت عيناك أن ترى رجلاً يسلم من حقوق الناس في هذا الباب فانظر إلى ذلك الذي يتقصى الحقوق التي عليه فيؤديها قبل أن يُسألها - نسأل الله أن يجعلنا ذلك الرجل -.

من أنصف الناس من نفسه سلم والمصاريف مصاريف البيت ينبغي للإنسان أن يحددها يحدد زمانها ويحدد قدرها، فإذا أراد أن يؤديها أداها بدون منة وبدون تضييق وبدون إحراج وبدون إذلال لأن هذه حقوق واجبة فيؤديها بطيبة نفس برضى خاطر، يؤديها دون أن يكون كلام بذيء أو جرح للمشاعر أو إهانة خاصةً في هذا الزمان وبالأخص للملتزم والخير الصالح، فالحمد لله إذا رزق الله الإنسان امرأة صالحة ليتذكر أن الله عافاه من امرأة تجره إلى الأسواق، وأن عافاه من امرأة تستنزف ماله في أمور لاطائل تحتها ولا نائل، فليحمد الله على العافية وليشكر فضل الله عز وجل عليه وليحسن من هذه المرأة الصالحة نعمة الله عز وجل عليه فيها، فالمقصود أن التضييق على صاحب الحق يكون العامل يريد مكافأته فيتأخر صاحب العمل وينتظر من العامل أن يأتي إليه حتى يسأله أجرته ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه فقد خصتمه - في الحديث القدسي أي أن الله خصم هؤلاء - رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل استأجر أجيراً فلم يوفه أجره)) إذا انتهى عمل العامل والمرأة وصفها النبي بالأسيرة ((إنهن عندكم عوان)) أسيرات فإذا جاء وقت الحق تذهب وتعطيه وتسدده ما ينتظر الإنسان تأتي المرأة تتذلل له يا فلان أعطنا المصروف لا ... هو الذي يسأل وهو الذي يباشر وهو الذي يأتي ويقدم بنفس طيبة وبنفس راضية حتى يُبارك للمرأة فيما تأخذه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير