ومضت أيام وشهور وسنين وهذه الشرذمة ترعاه، وتصنع له الأضواء والجمهور، وتعده وتمنيه؛ فضعفت بصيرته عما أريد به، وضعف دينه ورقّ، وجُعل من حيث لا يشعر عدوا لأعدائهم وسلماً لأوليائهم، فتراه أبكم عن النطق بالحق الذي يكرهون، وأصم عن عن سماعموعظةالواعظين، ونصح الصادقين، قد قطع أكثر المجالس التي كان يلقى فيها أهل العلم الكبار، وظن أنه قوي بنفسه، قد حصّل من العلم ما يغنيه عن الجلوس عند مشايخه، واللقاء بأقرانه واستشارتهم والاستنارة برأيهم، واختص بمن كان على مثل ما هو عليه ومن لا يزجره عن غيه.
ثم لم يلبث طويلا حتى أحس بالفجوة بينه وبين أكثر مشايخه وإخوانه، وقرأ ردا من هنا وهناك على بعض أغلاطه؛ فزاد ذلك في بعده عن الحق، وظن أن هذا حطاً من مقامه، وانتقاصا من قدره، وأصبح يلحظ مدح فساق الصحف من هنا، وعتاب الفضلاء وردهم من هناك، ونفسه تهوى المدح والثناء والرفعة والعلو، فغدى بشعور أو بلا شعور: يكتب ما يحب فساق الصحف أن يكتب فيه، ويدندن حول ما يدندنون عليه، وهو يرى أنه كلما زاد في الكتابة فيما يريدون؛ زادوا في رفعته وتقديمه وتمكينه، وأمسى من كثرة متابعته كلامهم قد تشبعت نفسه بطريقتهم وشبهاتهم، وباتت تسري في دمه.
وقد حفظ له أكثر إخوانه ومشايخه سابقته في الخير، واستمروا في نصحه وعدم مواجهته، فزين له الشيطان أن ذلك لعجز منهم، وقوة فيه، فزاد غروره؛ إذ قد صبغت فيه سمة أصحابه من كتاب الصحف، وأصبح تفكيره مشابهاً لتفكيرهم، فتجرأ للرد على أهل العلم الذين ناهضوا الباطل وأهله، وانتهج في رده نفس طريقة أصحابه من كتاب الصحف، في لمز مخالفيه واحتقارهم والإزراء بهم، وترك نص كلامهم وظاهره، والتشغب عليهم بمثل شغب السفهاء، لا يناقش بعلم، يترك محكم ما سطروه من أدلة وتحريرات، ويذهب يقرر ما لم يتعرضوا له وما لا يخالفوه فيه، مظهراً أنه هذا قولهم أو لا زمه، ثم يزاد الطين بلة بربطه بأحداث الغلاة وشناعتهم، وقد علم كل من عنده طرف من العلم أنه يعوي بعيداً عن كلامهم، الذي كان غرضه النبيل بيِّناً واضحاً لمن له عينين، وهو: رد الأقوال الباطلة التي نسبت للشريعة، بالحجة والبيان.
وربما زاد شناعة فتطاول على من هو خير منه علماً وديناً وبصيرة وبعد نظر، فلمزه بأنه لم يفكر في أبعاد فتاواه، وغائب عن قضايا العالم، لا يعرف المصالح والمفاسد، ولم يفهم مقاصد الشريعة، مع أنك إذا أنعمت النظر في كلامه؛ وجدته أحق بهذه الأوصاف وأهلها، وإذا عرضت مقاله على المردود عليهم؛ ترى عجباً لبعده عن مضمونه، ويقف عقلك حائرا عن فهم سبب هذا:
هل هو قلة علم وضعف فهم، أو هو سوء قصد، أو هما معاً، أو هو رد أخذ من ردود أخرى من غير بصيرة؟!
وتخبطاته في مسائل الشرع محفوظة منشورة، مع خفة عنايته بنشر العلم النافع، وانصرافه للقصص، والأدب والشعر، وقضايا أخرى من جنسها قليل نفعها، ولو أنصف لعلم أنه أحق بنصح نفسه بالتفقه، والواجب عليه أن لا يجعل من نفسه مطية لأرباب الفسق والشهوات، وممراً لأهوائهم من تحت لحيته، وعليه أن يعرف قدره، ويعلم أن أولى ما نشر للعباد ونودي به: توحيد الله، وحماية شرعه من هجمات
ـ[طويلبة شنقيطية]ــــــــ[18 - 12 - 10, 04:33 م]ـ
أحسن الله إليكم ونفع بكم
ـ[عبدالقاهر]ــــــــ[18 - 12 - 10, 05:09 م]ـ
والواجب عليه أن لا يجعل من نفسه مطية لأرباب الفسق والشهوات، وممراً لأهوائهم من تحت لحيته، وعليه أن يعرف قدره، ويعلم أن أولى ما نشر للعباد ونودي به: توحيد الله، وحماية شرعه من هجمات الفساق وتحريفهم له، وبيان ما أوجب الله على عباده من الحلال والحرام، وأنه مسؤول عن كل حرف يتكلم به ويكتبه.
فياطالب العلم احذر أن تكون مطية لأعداء الله، يصلون منك لشهواتهم، ويضربون باسمك ولحيتك مَن يناكف باطلهم، {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ}، وليكن بين عينيك دوماً أنه {مَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
الشيخ الكريم: أبا عبدالله
جزاك الله خيرا.
ومشكلتنا حقيقة حينما تغيب مقاصد التغريبين عند بعض الدعاة، مع أن جملة منهم يتوسع في فهم المقاصد الشرعية!.
ـ[زكريا أبو يحيى]ــــــــ[18 - 12 - 10, 05:25 م]ـ
نسال الله العافية، والسلامة
جزاك الله خيراً شيخنا عبد الرحمن نفع الله بك
الواقع مرير؛
ـ[سلمان الحائلي]ــــــــ[18 - 12 - 10, 10:00 م]ـ
أسأل الله الكريم أن يحسن إليك و أن يرفع قدرك
ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[19 - 12 - 10, 06:52 م]ـ
آمين
وبارك الله فيكم
ـ[محمدبن عبدالله العدناني]ــــــــ[19 - 12 - 10, 09:09 م]ـ
سلمت يمينك وزادنا الله وإياكم فقها وفهما ونورا وحكمة
ـ[أبو محمد الهلالى]ــــــــ[19 - 12 - 10, 09:30 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا
وكنت أود أن يكون طلاب العلم كما أنهم على دارية جيدة بالشريعة أن يكونوا على دراية جيدة بمخططات الاعداء فإن الدعاة الى الله تعالى الذين ينظرون فى علل الامة الاسلامية ينبغى أن يكونوا على دارية بما يحدث فى العالم من أحداث تهم الاسلام فيهتم لامرهم ويفكر كيف يخدم هذا الدين بشتى الطرق .... ومن العلماء الذين اهتموا بمثل هذا قديما مثل شيخ الإسلام بن تيمية وبن خلدون والقرطبى واخرين كثر ومن المعاصرين مثل الجبرتى والشيخ أحمد شاكر وأخيه الشيخ محمود شاكر رحمه الله فى كتابيه اباطيل واسمار؛ورسالة فى الطريق الى ثقافتنا الامام بن باز والامام الالبانى والعلامة الحوينى فى تسجيلاته كلها دفاع عن الإسلام وكشف مخططات هؤلاء الكفرة والشيخ العلامة محمد إسماعيل فى كتاب عودة الحجاب وكتاب هويتنا أو الهاوية والشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله ....
¥