تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولأن أهل الكتاب يذكرون اسم الله على ذبائحهم وقرابينهم، كما ذكره ابن كثير وغيره بخلاف غيرهم.

والمجوس وإن أخذت منهم الجزية تبعاً لأهل الكتاب وإلحاقاً بهم، فإنهم لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم، وأما ما يروى ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) فلم يثبت بهذا اللفظ، على أنه لا دليل فيه، إذ المراد: سنوا بهم سنة أهل الكتاب فيما ذكر من أخذ الجزية منهم، ولو سلم بصحة هذا الحديث فعمومه مخصوص بمفهوم هذه الآية:] وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [.

القسم الثالث: أن لا يعلم هل هي من ذبائح أهل الكتاب أو غيرهم. فالقواعد الشرعية تقضي بالتحريم، فإن القاعدة الشرعية: ((أنه إذا اشتبه مباح بمحرم حرم أحدهما بالأصالة والآخر بالاشتباه) والقاعدة الأخرى: ((إذا اجتمع مبيح وحاظر قدم الحاظر))، لأنه أحوط وأبعد من الشبهة، والأدلة دلت على البعد عن مواضع الشبهة، كما في الحديث: ((الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات لا يعرفهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه)).

وفي حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلىالله عليه وسلم يقول: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)). رواه النسائى والترمذي وصححه.

ومما استدلوا به على التحريم في موضع الاشتباه: حديث عدي رضي الله عنه: ((وإذا أرسلت كلبك المعلم فوجدت معه كلباً آخر فلا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره) وفي رواية: ((إذا أرسلت كلبك المعلم فاذكر اسم الله، فإن وجدت مع كلبك كلباً غيره وقد قتل فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله)). متفق عليه.

أما هذه اللحوم فإنها وإن كانت تستورد من بلاد تدعى أنها كتابية، فإنها حرام وميتة ونجسة فلا يجوز بيعها ولا شراؤها، وتحرم قيمتها كما في الحديث: ((إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) وذلك لوجوه عديدة:

أولاً: أن هذه الدول في الوقت الحاضر قد نبذت الأديان وخرجت عليها، وكون الشخص يهوديا أو نصرانيا هو بتمسكه بأحكام ذلك الدين، أما إذا تركه ونبذه وراء ظهره فلا يعد كتابيا، والانتساب فقط دون العمل لا ينفع، كما أن المسلم مسلم بتمسكه بدين الإسلام، فإذا تركه فليس بمسلم ولو كان أبواه مسلمين، فإن مجرد الانتساب لا يفيد. وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال في نصارى بني تغلب: ((إنهم لم يأخذوا من دين النصرانية سوى شرب الخمر)).

قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله بعد كلام: ((وكون الرجل كتابيا أو غير كتابي هو حكم يستفيد بنفسه لا بنسبه، فكل من تدين بدين أهل الكتاب فهو منهم سواء كان أبوه أو جده دخل في دينهم أو لم يدخل، وسواء كان دخوله بعد النسخ والتبديل أو قبل ذلك، وهو المنصوص الصريح عن أحمد، وكان بين أصحابه خلاف، وهو الثابت عن الصحابة بلا نزاع بينهم، وذكر الطحاوي أن هذا إجماع قديم)).

الثاني: أن ذبائح المذكورين الآن إما موقوذة أو مختنقة. والمختنقة التى تخنق فتموت، والموقوذة التى تضرب فتموت، وقد قال الله سبحانه وتالى:] حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة [.

وقد تحقق أن هذه الدول الآن تقتل البهيمة إما بواسطة تسليط الكهرباء فتموت خنقاً، وإما بضربها بمطرقة في مكان معروف لديهم فتموت حالاً، وهذا محقق عنهم لا يمتري فيه أحد، فقد كتبت عنهم عدة كتابات في هذا الصدد.

فتحقق أن ذبائحهم ما بين منخنقة وموقوذة، وهذه لا يمتري أحد بتحريمها، فقد حرمها الله في كتابه، وقرن تحريمها بتحريم الميتة والخنزير وما أهل به لغير الله، وهذا غاية في التنفير والتحريم، فلا يبيحها كون خانقها أو واقذها منتسباً لدين أهل الكتاب.

وقد صرح العلماء أن من شروط صحة الذبح الآلة، وللآلة شرطان:

أحدهما: أن تكون محددة تقطع أو تخرق بحدها لا بثقلها، وفي حديث عدي قال سألت النبي

صلىالله عليه وسلم عن صيد المعراض فقال: ((ما أصاب بحده فكله، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ)).

والثاني: أن لا تكون سناًّ ولا ظفراً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير