أما الذبائح التي تُذبح عن طريق الصعق الكهربائي فإن أُدركت وفيها حياة بعد الصعق ثم ذُبحت حل أكلها لعموم قول الله تعالى: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ أما إن زهقت الروح قبل الذبح، زهقت الروح بعد الصعق وقبل الذبح فإنها ميْتة، أو أنها موقوذة لأن الموقوذ هو الذي يموت بالضرب، هذه قد ضربت عن طريق الكهرباء فهي إما ميتة أو موقوذة فتكون محرمة.
الصعق الكهربائي نفسه إن كان عالي الضغط فلا شك أن فيه تعذيبا للحيوان وإيلاما له فلا يجوز، أما إن كان خفيف الضغط بحيث إنه لا يتسبب في تعذيب الحيوان كان فيه مصلحة فلا بأس به. والوسم في غير الوجه جائز للحيوانات، مع أن فيه نوع إيلام لها لكن لما كان فيه مصلحة كبيرة كان جائزا، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- يسِمُ إبل الصدقة. إذا كان هذا الصعق خفيف الضغط فلا بأس به، هذا ما يتعلق بمسألة حكم الصعق.
ننتقل بعد ذلك إلى واقع هذه الحيوانات التي تُستورد لحومها إلينا التي تُورَّد لحومها إلينا، واقعها هل هي تذكى ذكاة شرعية، أو أنها لا تذكى الذكاة الشرعية؟
أقول: اختلف الناس في هذا، واضطربت شهادات الشاهدين لتلك الذبائح، فبعض الشهادات تفيد بأنها تُذكى الذكاة الشرعية، وكثير منها يفيد بأنها لا تذكى الذكاة الشرعية، وأذكر نماذج لكلا الفريقين.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- أعدت بحثا في هذا وقد كاتبت وزير التجارة والصناعة في ذلك الوقت، وطلبت منه توضيحا حول هذه المسألة فبعث خطابا لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- وأفاد بأن الأجهزة المختصة في وزارة التجارة وفي مصلحة الجمارك أنها تحرص دائما على التثبت من صحة شهادات الذبح على الطريقة الإسلامية، وكونها مصدقة من سفارات المملكة إن وجدت أو سفارات الدول الإسلامية الأخرى، وأن هذه السفارات على معرفة بالجهات التي تصدر هذه الشهادات، سواء كانت جمعيات إسلامية أو مؤسسات فردية.
ثم قال إن هذه البلدان توفر الذبح على الطريقة الإسلامية، وتفعل ذلك حرصا على تصريف منتجاتها في العالم الإسلامي الواسع، ولحاجتها الماسة إلى العملة الصعبة، ولأنهم يدركون أن لهم منافسين من بلدان أخرى، فيعملون عادة إلى الكتابة إلى الجهات الرسمية في البلدان الإسلامية لاستشارتهم حول منتجاتهم.
ثم قال وكما أننا حريصون على توافر الشروط الصحية، فكذلك أيضا نحن حريصون على توافر الشروط الشرعية في الذبح، فهذه إفادة تفيد بأن هذه الذبائح التي ترد إلينا أنها إنما تكون على الطريقة الشرعية. ولكن بعض الدعاة وطلاب العلم، لهم إفادات تخالف هذا، وبعضها يوافق هذا. فمن الإفادات التي تخالف هذا ما ذكره أحد الدعاة وقد كتب خطابا لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- ذكر واقع ما شاهده في تلك البلاد بعد زيارته لبعض الشركات.
ومما ذكر بالنسبة للدجاج، ذكر أنه يُعلق من أرجله بآلة تسير به إلى رجل بيده سكين، ويقطع بها رقابها بسرعة بالغة وتمشي بها الآلة إلى ماء ساخن تُغمس فيه، وتُنظف ثم تُعاد للتصدير. وقد يُغمس الدجاج في الماء الساخن قبل انتهاء موته، وهنا تَرد الإشكالية، قد يُغمس الدجاج في الماء الساخن قبل انتهاء موته لزيادة سرعة الذابح وسرعة سير الآلة.
ويقول: أشك في الذابح هل هو مسلم أو كتابي، أو وثني أو ملحد. قال: ويُكتب على الغلاف ذُبح على الطريقة الإسلامية، ويصدق على ذلك من لم يشاهد الذبح بنفسه ولا بنائبه. لكن هذا المصدق يأخذ أجرة ذلك لأن وزارة التجارة تطلب من المستوردين كتابة ما يفيد بأن هذه اللحوم قد ذُبحت على الطريقة الإسلامية.
ثم وَصَف أيضا الذبح في شركة أخرى قال بأنها كسابقتها، من تعليق أرجلها وغمسها بسرعة في ماء ساخن قبل انتهاء حياتها، وأنه يُكتب عليها ذُبح على الطريقة الإسلامية ويصدق من جمعيتين إسلاميتين بأجرة.
ثم وصف ما شاهده من ذبح الأبقار بأنها تصعق بالكهرباء ثم تُسلخ دون أن يخرج منها دم. قال: ثم بين لهم الأطباء أن في بقاء الدم خطرا فصاروا يضربونها ضربة غير مميتة بمطرقة في رأسها فإذا سقطت عُلقت من أرجلها بآلة رافعة، ثم يُشق جلد الرقبة ثم يُقطع الوريد بسكين آخر وينزل الدم بغزارة إلى أن يفارق الحياة.
¥