وعلى هذا لا تكفي هذه الإشاعات لخروج المستوردات مما ذكر عن أصل الإباحة فيها إلى التحريم، ومع ذلك من ارتاب فيها تركها احتياطا عملا بحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، ما ذكر حول أن هذه الذبائح تذبح بطريقة غير شرعية، هي كما جاء في الفتوى مختلفة ومضطربة ونقلت لكم شيئا من هذا، نقلت لكم شهادات لبعض الدعاة بأنها تذبح على الطريقة الشريعة، وشهادات في أنها تذبح على غير الطريقة الشرعية، وإن كانت شهادات الذين يقولون بأنها تذبح على غير الطريقة الشرعية إنها هي يعني أكثر وأشهر لكن تبقى مع ذلك هذه الشهادات مختلفة ومضطربة، وربما بعض الحاضرين يعرف شيئا من هذا، لكن مع ذلك فيه اختلاف واضطراب.
ومع هذا الاختلاف والاضطراب، لا تقوى شهادات من قال بأنها تذبح على غير الطريقة المشروعة، لا تقوى لنقل الحكم من الإباحة إلى التحريم، ولهذا نقول: إن الورع هو عدم الأكل من هذه اللحوم، لكن لا يستطيع الإنسان أن يفتي بتحريم هذا الأكل ويحرمها على غيره؛ لأن عندنا أصل وهو الأصل في ذبائح أهل الكتاب الحل حتى يرد ما ينقلها من الحل إلى الحرمة، ومثل هذه الشهادات المضطربة والمختلفة غير كافية لنقلها من الإباحة إلى الحرمة.
وينبغي للمسلمين في البلاد التي تستورد منها اللحوم، والمسلمين في البلاد الإسلامية عموما أن يلجئوا تلك الشركات التي تقوم بذبح هذه الذبائح إلى إيجاد مجازر خاصة بالمسلمين، ونحن المسلمين نستطيع أن نفرض على الشركات المنتجة ما نريده، الشركات بينها تنافس كبير في الوصول إلى المستهلك واسترضائه، ولذلك فإنها تحرص على معرفة ماذا يريد، ونحن المسلمون أكثر من ألف مليون، فينبغي أن نفرض رغبتنا في إيجاد مجازر خاصة بالمسلمين تذبح فيها الذبائح على الطريقة الشرعية مستوفية لجميع شروط الذكاة.
وقد ذكر بعض الدعاة أنهم أبدوا ملحوظات لبعض تلك الشركات، وأنها تجاوبت وطلبت مقترحات المسلمين لذبح تلك الذبائح بالطريقة التي يريدها المسلمون، وأقول: إذا كان اليهود يحرصون على أن يكون الذبح متفقا مع عقيدتهم ومبادئهم، فخصصوا لذلك عمالا ومجازر، يذبحون لهم كما يريدون، فنحن المسلمين أحق بذلك وأولى لأن المسلمين أولا أكثر عددا، ولذلك فإن الشركات تحرص على كسبهم وعلى استرضائهم، فينبغي أن يفرض المسلمون كلمتهم في هذا، سواء المسلمون الذين يعيشون في تلك البلدان، أو المسلمون الذين يستوردون تلك اللحوم، فينبغي أن يكون لهم مبادرة في تصحيح الوضع القائم في تلك الشركات لكي يذبحوا على الطريقة الشرعية، أو يخصصوا مجازر للمسلمين لذبح تلك الذبائح على الطريقة المشروعة.
وحاصل الكلام في هذه المسألة أن الورع والاحتياط تجنب تناول تلك اللحوم ما دامت ترد على ذلك الوصف، ولكن من حيث الحكم الذي يظهر -والله أعلم- هو أن الأصل الحل حتى يتحقق الإنسان أن هذه الذبائح بعينها أنها لم تستوفِ شروط الذكاة الشرعية، فحينئذ تنتقل من الحل إلى الحرمة والله تعالى أعلم.
وبهذا نكون قد انتهينا مما أردنا عرضه في هذه السلسلة من الدروس، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، طيب نجيب على ما تيسر من الأسئلة
أحد الإخوة قال: شكر الله لكم على ما قدمتم في هذه الدورة، والله لقد استفدنا فائدة بالغة من هذا الدرس.
على كل حال نشكر الإخوة جميعا على هذا الحضور المتميز، ونشكر القائمين على تنظيم هذه الدورة المباركة وحسن الترتيب، وكذلك أيضا حفظ دروس هذه الدورة، وهذا هو أمر مهم جدا، فهذه الدروس محفوظة في موقع الجامع على الإنترنت، من فاته شيء من هذه الدروس فبإمكانه أن يرجع إليها؛ لأن أحيانا قد لا نتمكن من يعني التمهل لأجل كتابة بعض الإخوة، وربما بعض الإخوة يتضايق من هذا، لكن ربما لأجل ضيق الوقت، ورغبتنا في تغطية هذه النوازل هو السبب في هذا.
فالذي فاته شيء لعله يرجع إلى موقع الجامع، فهذه الدروس محفوظة الآن بالصوت، وستنزل إن شاء الله بعد فترة مكتوبة، فنشكر الإخوة القائمين على تنظيم هذه الدورة، على رأسهم فضيلة إمام الجامع الشيخ فهد الغراب على هذه العناية الكبيرة بهذه الدروس، والتيسير للوصول إلى المعلومة، وإلى ما قيل في; هذه الدروس كلها بأقرب طريق، وحفظ هذه الدروس لمن رغب في الاستفادة منها.
هل حكم التصوير ومن يقوم بالتصوير سواء أم بينهما فرق؟
¥