تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- ليس للمأموم الحق في المبادرة بالفتح على الإمام إذا سكت، إلا إذا علم أن سكوته من أجل النسيان، أما إذا سكت عند آية رغبة في الدعاء فيها سواء بطلب الرحمة و الجنة، أو بالاستعاذة من النار، و نحو ذلك.

- لا يحل للمأموم أن يبادر بالفتح على الإمام إلا إذا كان متثبتا من خطأ الإمام، و كان على ثقة من قوة حفظه، و كثيرا ما ينبري للرد و التصحيح من لا يكون على علم دقيق بالقراءة الصحيحة فيفسد على القارئ قراءته، و يتسبب في الخلط و التشويش على الإمام و المأمومين.

- إذا كان الإمام عالما بالقراءات المتواترة، و قارئا بها، فلا يحل للمأموم أن يفتح على الإمام في حرف من أحرف القراءات، فلعله أن يكون يقرأ برواية أو قراءة لا يدري المأموم عنها، و إنما يحل لمن كان على شاكلته من القراء العارفين بالقراءات أن يفتح عليه إن وجده خرج عن نسق المتواتر إلى الشاذ.

- لا يجوز لعموم المأمومين الفتح على الإمام من كل حدب و صوب، إنما يفتح على الإمام من كان مستخلفا له يقف خلفه، أو من كان بجواره، حتى لا يحدث الخلط و التشويش على المصلين.

- و لا يجوز أن يفتح على الإمام بالرد و التصحيح عدة مأمومين في وقت واحد، فإنه يؤدي إلى اختلاط الأصوات، و التشويش على الإمام و المأمومين، و ليترك البعيد للقريب، و القريب لمن هو أقرب منه، و الأقرب الحافظ إلى الأقرب الأحفظ عنه، و الأقرب الأحفظ إلى الأقرب الأحفظ الأعلم، و هكذا.

- لا يجوز للمأموم أن يحمل مصحفا لمتابعة قراءة الإمام، و التصحيح له، و ذلك أنه في صلاة، و ليس في مقام التعليم و التعلم، ثم إن الحركة بحمل المصحف و فتحه عند القراءة و غلقه بعد الانتهاء منها ينافي أعمال الصلاة.

- يجب أن تكون نية المأموم الذي يباشر الفتح على الإمام أو يصوب خطأه نية خاصة لله تعالى، يجمعها التعبد لله عز و جل، ثم الحرص على صلاة المسلمين بما فيهم الإمام، أما إذا فعله رياء و سمعة ليرى مكانه من الحفظ و الاتقان، فإنه يحبط عمله و أجره، و قد تبطل صلاته، و الله أعلم.

فهذه جملة من المواقف التي قد تعرض للإمام و المأموم في الصلاة، في حال القراءة و الخطأ فيها، و يتفرع منها فروع كثيرة، و إنما ذكرتها على شكل رؤوس أقلام لينتبه إليها.

و إن الناظر إلى عمومات الألفاظ الواردة في حديث سهل بن سعد، رضي الله عنه، ليكاد يجزم بصحة ما ذهبت إليه من استحباب التسبيح من المأموم حال الفتح على الإمام؛ ففي إحدى روايات الحديث الآنفة الذكر لفظ: " ما لكم حين نابكم شيئ في الصلاة أخذتم في التصفيح، إنما التصفيح للنساء، من نابه شيئ في صلاته فليقل سبحان الله."

قال نجم الدين الطوفي في " شرح مختصر الروضة" في تقرير التمسك بصيغ العموم، (2/ 478): لنا وجوه:

الأول: إجماع علماء الأمة من الصحابة و غيرهم على التمسك بعمومات الكتاب و السنة و كلام العرب ما لم يوجد دليل مخصص، و كانوا يطلبون دليل الخصوص، لا العموم، و هم أهل اللغة.

الثاني: أن صيغ العموم تعم حاجة كل لغة إليها، فيمتنع عادة إخلال الواضع الحكيم بها مع ذلك.

الثالث: أن من قال: اقطع السارق، و اجلد الزاني، و اقتل المشركين، و ارحم الناس، و الحيوان، و عبيدي أحرار، و ما لي صدقة، و من جاءك فأكرمه، و أي رجل لقيت فأعطه درهما، و أين و أيان و متى وجدت زيدا فاقتله، و كل أو جميع من دعاك فأجبه، و لا رجل في الدار، يفهم العموم من ذلك كله في عرف أهل اللسان. انتهى

قلت: و كذا يفهم من قوله عليه الصلاة و السلام: " من نابه شيئ في صلاته فليسبح."

قال ابن النجار في " شرح الكوكب المنير" (3/ 141) و هو يعدد صيغ العموم: و كذا النكرة في سياق شرط فإنها تعم، نحو قوله تعالى: "من عمل صالحا فلنفسه" (فصلت: 46)، " و إن أحد من المشركين استجارك فأجره" (التوبة: 6)، و من يأتيني بأسير فله دينار، يعم كل أسير؛ لأن الشرط في معنى النفي لكونه تعليق أمر لم يوجد على أمر لم يوجد، و قد صرح إمام الحرمين في " البرهان" بإفادته العموم، و وافقه الأبياري في " شرحه"، و هو مقتضى كلام الآمدي و ابن الحاجب و غيرهما في مسألة: " لا أكلت" و " إن أكلت". انتهى

و قال الشنقيطي في " المذكرة" (صـ 247 - 248): من صيغ العموم: النكرة في سياق الشرط نحو:" و إن أحد من المشركين "، و النكرة في سياق الامتنان نحو " و أنزلنا من السماء ماء طهورا" (الفرقان: 48) و النكرة في سياق النهي نحو: " و لا تطع منهم آثما أو كفورا" (الإنسان: 24).

فائدة:

و ربما أفادت النكرة في سياق الإثبات العموم بمجرد دلالة السياق كقوله تعالى: علمت نفس ما أحضرت" (التكوير: 14) " علمت نفس ما قدمت و أخرت" (الانفطار: 5) بدليل قوله تعالى: " هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت" (يونس: 30)، و أنشد لنحوه صاحب اللسان:

يوم تربي مرضعة خلوجا و كل أنثى حملت خدوجا

و كل صاح ثملا مروجا

و اعلم أن الحق: أن صيغ العموم الخمس التي ذكرها المؤلف التي هي:

1 - المعرف بأل غير العهدية.

2 - و المضاف إلى المعرفة.

3 - و أدوات الشرط.

4 - و النكرة في ساق النفي، تفيد العموم و خلاف من خالف في كلها او بعضها كله ضعيف لا يعول عليه.

و الدليل على إفادتها العموم: إجماع الصحابة على ذلك لأنهم كانوا يأخذون بعمومات الكتاب و السنة و لا يطلبون دليل العموم بل دليل الخصوص، و بأن السيد لو قال لعبده إحدى الصيغ المذكورة نحو: " من دخل فأعطه درهما، أو كل داخل فأعطه درهما" فعليه التعميم، و ليس له منع أحد ممن شكلهم العموم. انتهى و هو في غاية الدلالة.

و ليس المقصود هنا: تقرير أن جملة: " من نابه شيئ في صلاته فليسبح" من صيغ العموم، فهي منها في شقيها، و لكن المقصود: بيان أن هذه القاعدة تتنزل على أحد فروع الصلاة، و هو الفتح على الإمام بالتسبيح فيما أخطأ فيه، أو نسيه، في حالة استمراره في القراءة دون توقف، فالذي وصلت إليه: أنه يستحب للمأموم أن يسبح للإمام إن أخطأ في القراءة، على تفصيل سبق، دون المعالجة بالفتح بالآية مباشرة، لدخول الحديث في صيغ العموم التي لا مخصص لها، و الله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير