تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مسألة البروك]

ـ[عبد الرحيم الجزائري]ــــــــ[27 - 08 - 06, 01:18 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله حق الحمد و أوفاه، وصلى الله و سلم على نبيه و مصطفاه و على آله و صحبه و من اقتفى أثره و اهتدى بهداه، وبعد:

فمن المعلوم أن المسلم حري بلزوم هدي المصطفى عليه السلام في جميع أحواله، في تعبده لله جل و علا و في معاملته للخلق، وفي خاصة نفسه، عملا بقوله جل و علا: ((لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا)) و غيره من النصوص. وهذا الذي كان عليه سلف الأمة، وأخبارهم في التشبث بالهدي النبوي مشهورة منثورة ...

و المراد من هذه المقدمة بحث مسألة لطيفة ذكرها الحافظ ابن القيم – رحمه الله- في كتابه الماتع النافع ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) وهي هدي النبي في كيفية الخرور إلى السجود ...

وقد تعرض لهذه المسألة جمع من أهل العلم، بل أفردها بعضهم بالتصنيف كما فعل العلامة الإمام الألباني –رحمه الله- فألف رسالة (كشف الشكوك عن حديث البروك) - وهي مخطوطة حسب ما علمت، و لا أدري أطبعت أم لا-، وألف محدث الديار المصرية أبو إسحاق الحويني – حفظه الله- (نهي الصحبة عن النزول بالركبة) ...

و لا أظن أني أذيع سرا إن قلت أني اطلعت منذ زمن بعيد على كلام العلامة الألباني -رحمه الله - في هذه المسألة في كتابه الجليل: (صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم) وكلام الشيخ أبي إسحاق في (نهي الصحبة)، لكني كنت آنذاك من الجهل بعلم الحديث بمكان، إلى أن فتح الله علي بالتعرف إلى شيء منه لا يكاد يذكر ...

فشرعت بعد في التمرن على التخريج و دراسة الأسانيد، -لأن ذلك إنما يكتسب بكثرة ممارسته، ووزنه بكلام أهل العلم ليعرف خطؤه من صوابه، فيستفيد الطالب من أخطائه ليواصل السير في دروب هذا العلم- فكان من ذلك هذه المباحثة.

عرض المسألة:

لما جاء الحافظ ابن القيم - رحمه الله- إلى كيفية الهوي إلى السجود اختار تقديم الركبتين على اليدين. واستدل لذلك بحديث وائل بن حجر: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه)).

و لما وقف على حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه))، أعل المتن بالانقلاب على الراوي لمخالفة آخره لأوله بناء على أن البعير – عنده- يقدم يديه على ركبتيه عند البروك. قال: (وكان يقع لي أن حديث أبي هريرة مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله ولعله: وليضع ركبتيه قبل يديه).

واستروح لهذا بما روى المقبري عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك كبروك الفحل))

ثم نقل إعلال الدارقطني و الترمذي و البخاري للوجه الأول من حديث أبي هريرة.

و حاول ترجيح حديث وائل بن حجر:

1 - بحديث أبي هريرة الذي مر قريبا.

2 - بحديث أنس قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم انحط بالتكبير حتى سبقت ركبتاه يديه)) ونقل تضعيفه عن أبي حاتم.

3 - وبما روي عن الصحابة كعمر و ابن مسعود أنهم كانوا يضعون أيديهم قبل ركبهم.

4 - وبأمرين آخرين:

الأول ما رواه ابو داود من حديث ابن عمر ان رسول الله نهى ان يعتمد الرجل على يديه في الصلاة وفي لفظ نهى ان يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة

قال:ولا ريب انه إذا وضع يديه قبل ركبتيه اعتمد عليهما فيكون قد اوقع جزءا من الصلاة معتمدا على يديه بالارض وايضا فهذا الاعتماد بالسجود نظير الاعتماد في الرفع منه سواء فإذا نهى عن ذلك كان نظيره كذلك

الثاني: ان المصلي في انحطاطه ينحط منه إلى الارض الاقرب إليها اولا ثم الذي من فوقه ثم الذي من فوقه حتى ينتهي إلى اعلى ما فيه وهو وجهه فإذا رفع رأسه من السجود ارتفع أعلى ما فيه اولا ثم الذي دونه حتى يكون آخر ما يرتفع منه ركبتاه والله

و الجواب عليه يتلخص فيما يلي:

الأول:

ما استدل به من حديث وائل بن حجر: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير