يقدر عليه إلا الله, وأنها من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله, وأنها تناقض قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) فرد علي الشيخ وصهره التجكاني بقوله تعالى عن موسى عليه السلام (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ... ) فأخذت أبين لهما أن هذه الاستغاثة من باب الأخذ بالأسباب العادية, وليست مما نحن فيه, وأصرا على قولهما, وكنت أعلم أن عبد الله وقع في هذا الخلط في رسالته (إتحاف الأذكياء) وقرر فيها أن من استغاث بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو مبتدع ضال بالإجماع. وهو بقوله هدم كل ما كتب في هذه الرسالةو (الرد المحكم المبين) وقد كان نبهه شقيقه الزمزي على وجوب التفريق بين التوسل والاستغاثة, والمقصود التنبيه على مؤامرة أبي البيض وذنبه الأثيم أبي الفتوح على الشيخ الزمزمي بدافع الحقد والكراهية , وقد فطن الزمزمي لهذه المؤامرة وأكد في بعض رسائله أن (الصارم المبيد) من وضع شقيقه فسارع أبو الفتوح إلى التكذيب, وبين يدي الساعة خمس عشرة رسالة بخط أبي البيض إلا واحدة فبخط أخيه إبراهيم لمرضه كتبها لذنبه حول (الصارم المبيد) وما زاد فيه الشيخ وما نقص, وتسميته له وطبعه على نفقته , ورأيت أن جلب عباراته في ذلك يطول. وإن كان في ذلك فائدة وفيها ما يستطرف ومنه ـ وإن كان خارجا عن الموضوع ـ أن الكرفطي شكا إلى شيخه عدم طلوع لحيته بغزارة, وأن نباتها لا يخرج إلا نكدا, فأجابه الشيخ بما نص بحروفه: (وإذا رجوت أن تطلع لحيتك بالحلق, فكَرِّطْها تَكْريطا لعلها تبادر بالطلوع والسلام)!! ومما يحسن التنبيه عليه هنا أنه لا تخلو رسالة من رسائل أبي الفتوح وهي أكثر من مائة غالبا من رؤيا أو اثنتين, ويبادر الشيخ إلى تعبيرها لصالح ذنبه, وفيها بشريات بمقامات عالية في الولاية والمعرفة. ومن أطرفها رؤيا عبرها له الشيخ بقرب نزول عيسى عليه السلام. وظهور المهدي وتفسيره بأن الكرفطي سيكون من أعوانه!! والملاحظ أن هذه الرؤى الكثيرة مع تعبير الشيخ كلها بارت وتبخرت ولم يتحقق منها شيء. كما أن بشريات الكهان والمجاذيب لأبي البيض بمصر والشام قبل وفاته بقرب الفرج لم يتحقق منها شيء. إلا في خاصة نفس الشيخ فإنه مات عام 80 وبعد وفاته أشاع بعض الناس هنا بالمغرب أنه مات منتحرا فأصدر الشيخ أحمد مرسي وهو أزهري نقشبندي بيانا أنكر فيه ذلك. فرد عليه الشيخ الزمزمي ببيان مضاد مؤرخ بـ (20 ربيع الأول عام 1401) جاء فيه مما يتعلق بالتوسل والاستغاثة , وهو من باب (وشهد شاهد من أهلها) ما نصه: (إن ما حكاه الشيخ مرسي من أن الشيخ أحمد نادى عند موته باسم الرسول, أنا أعرف سببه لا الشيخ مرسي, إن أخي السيد أحمد كان من عادته إذا أصابته شدة أن ينادي باسم الرسول, كما هي عادة المتصوفة الجاهلين, فقد كنت معه ذات ليلة وقد أصيب بمرض خطير فصار ينادي باسم الرسول. وأنا أقرأ عليه القرآن ليذهب عنه ما يجد من المرض, فهو كان يستغيث بالمخلوق!! في آخر لحظة من حياته , وذلك أقبح من الموت بالانتحار كما هو معلوم) اهـ
ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[13 - 01 - 07, 01:51 م]ـ
الفصل السادس
قوله بأن معية الله تعالى لخلقه مطلقة وليست بالعلم بل بالذات, وتفويضه في معاني الصفات لا في التكييف
هما في الحقيقة بائقتان: دفع معية الله تعالى لخلقه بالعلم واعتقاده أنها بالذات, والفاقرة الثانية اعتقاده وجوب التفويض في صفات الله تعالى, ومعلوم أن عقيدة السلف الصالح رضي الله عنهم من الصحابة والتابعين وهو خير الناس كما في الحديث الصحيح: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) , ونصوصهم في ذلك لا تحصى. ومفادها أن الله تعالى فوق عرشه العظيم كما جاءت بذلك الآيات والأحاديث النبوية , وهناك كلمتان زيدتا على الأدلة ولا تعرف عن السلف وهما (بذاته) و (بائن من خلقه) ولا داعي إليهما, وإنما زادهما من زادهما من أهل العلم تحقيقا لمعنى الاستواء, ورد فعل لمنكري علو الله على خلقه من الجهمية وأتباعهم, ثم النص منهم على أن معية الله لخلقه نوعان: عامة وهي معية العلم, وخاصة وهي للمتقين والمحسنين من عباده, وهي معية نصرة وتأييد مع معية العلم. وفي القرآن آيات كثيرة تفيد النوعين, ومن أجمعها آية العلم كما كان يسميها السلف الصالح وهي قوله: تعالى: (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات والأرض ما يكون ... ) فافتتحها
¥