تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نفائس الجوهر والُّدر , من كلمات سحبان هذا الدهر ,للشيخ علي القرني حفظه الله.!!

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[30 - 01 - 08, 08:15 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد:

فإليكم أيها الأحبة الأكارم جزءا من محاضرة الخطيب المفوَّه البليغ الشيخ الداعية (علي بن عبد الخالق القرني) , الذي أحسِبُ أن البلاغَة وحسنَ المنطق وجمال القول , قد هيَّأها الله له مجتمعة في آن واحد فكانت مطيَّةً طائعةً سلسة العنان إن ركبها هو , في حين كانت تنفر و تجمح لغيره ممن هم في ساحة الدعوةاليوم - إلا من رحم الله - , يسير بها حيثما شاء متى شاء كيفما شاء, ومن سمع للشيخ تبيَّن له من ذلك أكثر مما أقول مما لا أُحسِن له وصفاً ولا أطيق له تبياناً, وأرجو ألا أُلامَ على ذلك الوصف لفضيلته , فأنا مُحب مُجل مُخلٌ بوصفي للشيخ وإن رأى غيري أني بالغت , ومن كان هذا حالَه فليس عذله بنافع, وسأجعل هذا الموضوع مخصصا لما أسمعه منه في أيٍّ من محاضراته القيمة المؤثرة, وأنقله تباعاً إن شاء الله تعالى ذلك لي.

ولن أقدَّم لهذا الجزء أو غيره مما أنا ناقله عنه , لأني أكون حينئذ كمن أوقد عوداً ليَدُل به الناس على الشمس , وقد نقلت هذا الجزء من محاضرته الجامعة النافعة بعنوان (السماء والسماوة) وهو أي الجزء يتكلم عن إدراك سلف الأمة الأبرار لحقيقة الدنيا ورميهم لها وإعراضهم عنها إن تنازعت مع محابِّ الله ومراضيه, قال حفظه الله عن هذا الجيل المفلح:

علموا أن لذة الآخرة أعظم وأدوم وألَمَها كذلك، ولذة الدنيا أصغر وأحقر وألَمَها كذلك، فتركوا أدنى اللذتين لتحصيل أعلاهما، واحتملوا أيسر الألمين لدفع أعلاهما .. حسموا في قلوبهم كل أرجحة ولجلجة بين قيم الدنيا والآخرة .. خلَّصوا قلوبهم من وشيجة غريبة تحول بينهم وبين التجرد لله، والخلوص له وحده دون ما سواه، وحال أحدهم:

بما في فؤادي يبوح الفمُ ... ويجهل غير الذي أعلمُ

نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم هن من البشر، ولهن مشاعر البشر على فضلهن وكرامتهن وقربهن من ينابيع النبوة .. لما رأين السعة والرخاء بما أفاء الله على رسوله وعلى المؤمنين؛ راجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر النفقة، فلم يستقبل هذا الأمر بالرضا؛ لأنه كان يريد أن تظل حياته وحياة من يتصلون به على أفق سامٍ وضيءٍ، مبرئاً من كل ظل للدنيا وأوشابها، لا لحرمة السعة؛ ولكن للاستعلاء على جواذب الأرض الرخيصة.

يشقى الحريص أبداً بحرصه ... لو شرب الأنهار طراً ما ارتوى

لو ابتنى فوق الثريا سكناً ... هوى به الحرص إلى جوف الثرى

احتجب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: طلق نساءه حين اعتزلهن، وأنزل الله آية التخيير، فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:28 - 29] ^ بدأ صلوات الله وسلامه عليه بأحب نسائه إليه عائشة ليُعْلَم أن محبة الله فوق كل محبة، فتلا عليها الآية، وقال: {لا تعجلي حتى تستأمري أبويكِ، فقالت: أفيك أستأمر أبوي يا رسول الله؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة} ^ فما عرض على امرأة غيرها من نسائه إلا اختارت الله ورسوله والدار الآخرة.

تالله ما عقل امرؤٌ قد با ع ما ** يبقى بما هو مضمحل فانِ

ليس من يجعل العقيدة نهجاً كالذي ينتمي إليها شعارا

هذا هو الميزان الدقيق في نفوس الأصحاب، استمدوه من كتاب الله وهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعاشوه في واقع حياتهم، فحُقَّ لهم أن يسودوا ويقودوا.

فيوماً على نجد وغارات أهله ** ويوماً بأرض ذات شَت وعرعرٍ

صح عند مسلم عن جابر رضي الله عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق والناس حوله، فوجد جدياً أسك ميتاً، فتناوله بأصل أذنه، ثم قال: أيكم يحب أن يكون له هذا بدرهم؟ فقالوا: يا رسول الله! ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ والله لو كان حياً لكان عيباً فيه أنه أسك فكيف وهو ميت؟! فقال صلى الله عليه وسلم: فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير