ـ[ابو عبدالله السبيعي]ــــــــ[31 - 01 - 08, 10:31 م]ـ
بل أظنه يلقيها من ورقة كما اخبرني احد الاخوة -- وليس هذا بعائبه
وانا من اشد المتابعين لمحاضرات الشيخ وكذلك والدي حفظه الله , وكان والدي لا يسمع له محاضرة الا تعجب وانبهر من فصاحة الشيخ حفظه الله
فسبحان من وهبه وأعطاه
وجزاك الله خيرا با ابا زيد - وواصل ما بدأت سدد الله خطاك وأحسن مثواك
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[04 - 02 - 08, 03:10 م]ـ
قال حفظه الله في شريطه ((صفحة صدق)) الذي يتناول قصة سيدنا كعب بن مالك رضي الله عنه في غزوة تبوك وكأن السامع لها أحد الحاضرين من الصحابة لما أوتيه الشيخ من بلاغة وبيان في وصفه للحدث:
اعلموا أن المحن محك لايخطئ، وميزان لا يظلم؛ يكشف عما في القلوب؛ ويظهر مكنونات الصدور؛ ينتفي معه الزيف والرياء؛ وتنكشف معه حقيقة الصدق بجلاء.
إن المحن تطهير ليس معه زيف ولا دخل، وتصحيح لا يبقى معه غبش ولا خلل؛ إنها لتفتح في القلب منافذ ما كان ليعلمها المؤمن من نفسه لولا المحن.
قد يظن الإنسان في نفسه قبل المحن التجرد والنزاهة؛ فإذا وقعت الواقعة تبين من بكى ممن تباكى، تميز الغبش من الصفاء، والهلع من الصبر، والصدق من الكذب، والثقة من القنوط، عندها يدرك المرء أنه بحاجة إلى تمحيص ومراجعة، فمن الخير له أن يستدرك نفسه قبل أن يكون عبرة ويقع ضحية: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ [آل عمران:154].
بالمحن تستيقظ الضمائر، وترق القلوب، وتتوجه إلى بارئها؛ تضرع إليه وتطلب رحمته وعفوه معلنةً تمام العبودية والتسليم الكامل له، لا حول ولا قوة إلا به، لا مهرب منه إلا إليه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، لا معقب لحكمه، لا إله إلا هو
باقٍ فلا يفنى ولا يبيد ولا يكون غير ما يريد
منفرد بالخلق والإرادة وحاكم جل بما أراده
سبحانه وبحمده!
عباد الله: وصور المحن والمنح في السيرة كثيرة وجليلة، وجديرة بالتملي والتأمل، والحديث كما تعلمون بل كما تشعرون عن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه، حديث تحبه وتجله النفوس المؤمنة، تأنس به قلوب بالإيمان هانئة مطمئنة، حبه في شغاف القلوب والأفئدة، وتوقيره قد أُشْرِبَتْ به الأنفس، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
فَهَلُمَّ هَلُمَّ عباد الله! لنتصفح ونتفحص صفحة صدق بيضاء ونقية لنرى من خلالها المحنة بكل صورها -وبالصدق تتخطى- لنعلم عبرها وعظاتها؛ فقد مُلِئَتْ عِبَرَاً وعَبَرَات، وفكراً ونظرات، دموعاً حَارة وحسرات، هجر الأقربين فيها شديد المظاظة، ومع ذلك بارز وظاهر، وتزلف المناوئين والمنافقين فيها مشرئبٌ زاخر.
صفحة مُلِئَت بأحداثٍ تذرف منها الدموع، وتخشع لها القلوب.
صفحة جسدت الصدق والإخلاص والقدوة في الصبر على الضراء والشكر على السراء تطبيقاً عملياً ماثلاً.
إنها صفحة بُدِئَت باستنفار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه لملاقاة من؟
لملاقاة الروم يوم تحركوا بعسكرهم وفكرهم ودسائسهم ليطفئوا نور الله بأفواههم: وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8].
إنه استنفار وأي استنفار! في أيام قائظة، وظروف قاسية، في جهد مضنٍ ونفقات باهظة، طابت الثمار، واستوى الظلال، وعندها بدأ الامتحان؛ ليسطر في آيات الكتاب بإفاضة واستيعاب.
أفاضت آيات الله في أنباء الطائعين والمثبطين، واستوعبت أنباء المخلصين والقاعدين، فيالها من مشاهد وأحداثٍ في تنوع مثير!
يجيء المعذرون لِيؤذن لهم، ويقعد الذين كذبوا الله ورسوله، ويتولى الذين لم يجدوا ما يحملون عليه بفيض دموعهم حزناً ألا يجدوا ما ينفقون، ويرجف المرجفون: لا تنفروا في الحر ونار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون، والساقط في الفتنة يقول: ائذن لي ولا تَفْتِنِّي وفي الفتنة وقع، (فر من الموت وفي الموت وقع).
وآخرون يلمزون ويسخرون من المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله.
¥