تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إعجابنا بالغرب طغى على الأولاد، لو اشتهر منهم رجلٌ برذيلة، يقلَّد عندنا بعد ساعات، يسأل أحد الشباب: ما مثلك الأعلى؟ فيقول: مارادونا؛ وهو لاعبٌ كافر، والفتيات من مثلهن الأعلى؟ إنها ديانا، لا إله إلا الله حقائق تنطق بإعجابنا بالغرب، وهواننا على الله يا أحفاد محمد بن عبد الله! يا أمة الإسلام!

أمتي كم صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم

لا يلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدو الغنم

ومن أسباب تخلفنا وانحطاطنا وتأخرنا وهواننا: الإفساد من البعض في الإصلاح والتطور.!

وعدم الأخذ على أيديهم وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ [البقرة:11 - 12] ^ قدوتهم فرعون يوم يقول: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ [غافر:26] ^ ولا إله إلا الله باسم الإصلاح انتُزعت أهم خصائص مؤسسات الأمة الإسلامية! باسم التطور ضاعت جامعات من أعرق جامعات العالم الإسلامي! باسم التطور تنتهك حرمات الله! باسم التطور يضرب بأوامر الله عرض الحائط! وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم:42] ^.

عباد الله: الأعداء متفرقون متشتتون بطبعهم، ذاك قول الله: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى [الحشر:14] ^ لكنهم مع تفرقهم يجتمعون علينا ويتفقون جميعاً على ضرب الإسلام، وعلى ما يهيننا ويذلنا، ونحن نختلف في كل شيء إلا في الولاء لهم إلا من عصم الله، هذا يلجأ لذاك، وذاك يلجأ لهذا، وما لجأنا إلى الله، ناسين أو متناسين الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173] ^ فحصل التأخر والتخلف من أمة مسلمة، ووالله لن ترتفع وتعزَّ الأمة إلا بما عزَّ به أسلافها.

بعضنا ذهب إلى أوروبا وجاء لينشر ما تعلمه هناك على أنها مُثل لا تقبل النقاش والجدل، فالأمر ما أمروا والعلم ما ذكروا، يقول أحدهم: علينا أن نلحق بفرنسا حتى في لباسنا، ومنهم من تولى مناصب قيادية في الأمة المسلمة، فقادوا المسلمين إلى الهاوية، قادوهم إلى التأخر والتقهقر والتدهور باسم التطور، وهم يعيشون بيننا الآن ويتكلمون بلغتنا، أسماؤهم محمد وعبد الله، والله منهم براء فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة:10] ^.

في قومنا من يدعي صدق الهوى ودم الهوى في عرقه يتخثر

ومن أسباب تخلف المسلمين: ضعف القدوة لدى طلبة العلم والعلماء والقادة.!

لم يعد كثيرٌ من هؤلاء أهلاً للاقتداء بهم، ولذلك اقتدى الناس بالمنحرفين، وحمَّلوا الأمة الهوان والذل.

يا معشر القراء يا ملح البلد من يُصلح الملح إذا الملح فسد

ومن أسباب تخلفنا: خيانة بعض المسلمين لدينهم وأمتهم، أصبحوا عملاء للشرق والغرب، فخانوا الله والرسول وأماناتهم، فحسيبهم الله الذي لا إله إلا هو.

وجماع هذه الأسباب، بل من أعظم هذه الأسباب التي أدت إلى التأخر والتخلف: نشوء العصبيات والقوميات والوطنيات، والإقليميات.

تعلمون -أيها الإخوة- أن العرب أمةٌ مشتتةٌ مفرقة حتى جاء الإسلام فجمعها، فهل اجتمعت تحت لواء قريش؟ لا. هل اجتمعت تحت لواء الأوس أو الخزرج؟ لا. إنما جمعتهم ووحَّدتهم لا إله إلا الله، لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ [الأنفال:63] ^ دان الشرق والغرب كله لهذه الكلمة، وأهان ذلك الأعداء، فرأوا أن أحسن طريقٍ لبُعدنا عن ديننا نشوء العصبيات، فأنشئوا القوميات، ثم جاءوا بالوطنيات، ثم جاءوا بالإقليميات حتى أصبح أهل الوطن الواحد يتفرقون إلى شيع وأحزاب، ولا زال ينحدر كثير من الناس في هذا الطريق، ذبحونا بعشق الوطن والكلمات المائعة عن الوطن حتى قال قائلهم:

بلادك قدِّمها على كل ملةٍ ومن أجلها أفطر ومن أجلها صُم

وقال الآخر:

وطني لو شغلت بالخلد عنه لنازعتني إليه في الخلد نفسي

لا إله إلا الله ما أحلمك يا رب! ما أكرمك! أيُقدَّم الوطن على الجنة؟! إنها الوطن الذي نسعى إليه، لكنه ليس لها بأهل، ولن يكون الأول والآخر ممن يتكلم بهذا، وطننا وأرضنا وسماؤنا وهواؤنا وتنفسنا هو: لا إله إلا الله، من عمل بمقتضاها فهو أخٌ حميم ولو كان عبداً حبشياً، ومن رفضها فهو عدوٌ لدودٌ ولو كان حراً قرشياً.

أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ

إن يختلف ماء الوصال فماؤنا عذبٌ تحدَّر من غمامٍ واحدِ

أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد

عباد الله: والجبن والخوف والهلع وحب الدنيا وكراهية الموت وترك الجهاد أدت بنا إلى ما نحن فيه من التخلف والانحطاط.

هذه -يا عبد الله- بعض أسباب الضعف والانحطاط التي حلت بالمسلمين، وغرزت فيهم الهزيمة التي استطاع الشاعر أن يعبر عنها بقوله:

كم صرفتنا يدٌ كنا نصرفها وبات يملكنا شعبٌ ملكناه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير