( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=35&ftp=alam&id=1000520&spid=35) رحمه الله تعالى. وبعد ذلك سار في هذا المركب، يطوف على أهل العلم في القرى التي حوله يحصل ويجلس إليهم، وقال: قدمت على بعض المشايخ لأدرس عليه ولم يكن يعرفني من قبل، فسأل عني من أكون في ملأ من تلامذته، فقلت مرتجلاً:
هذا فتى من بني جكان قد نزلا به الصبا عن لسان العرب قد عدلا
رمت به همة العلياء نحوكم إذ شام برق علوم نوره اشتعلا
فجاء يرجو ركاماً من سحائبه تكسو لسان الفتى أزهاره حللا
إذ ضاق ذرعاً بجهل النحو ثم أبى ألا يميز شكل العين من فعلا
وقلنا: عين الفعل من أكثر المشكلات في دراسة اللغة العربية، وما هي التغيرات التي تطرأ على عين الفعل، وأنواع الأفعال بالنسبة لعين الفعل، قال:
وقد أتى اليوم صَبّاً مولعاً كلفاً فالحمد لله لا أبغي له بدلا
وهذا إشارة إلى قصيدة لامية الأفعال، المبدوءة بالحمد لله، وقصد بقوله شكل العين دارسة قصيدة لامية الأفعال على هذا الشيخ، ولما لُوحِظت نجابته أذن له مشايخه بأن يقرن بين كل فنين -مع أن العادة عندهم عندما يبدأ الطالب لا يجمع أكثر من فن واحد- تفرساً فيه، وحرصاً على سرعة تحصيله، فانصرف بهمة عالية.
الزواج في حياة الشنقيطي
قال: ومما قلت في شأن طلب العلم وقد كنت في أخريات زمني في الاشتغال بطلب العلم، دائماً اشتغالي به عن التزويج؛ لأنه ربما عاقني عنه، وكان إذ ذاك بعض البنات ممن يصلح لمثلي يرغبن في زواجي ويطمعن فيه، فلما طال اشتغالي بطلب العلم عن ذلك المنوال أيست مني. كانت امرأة تريد أن تتزوج منه، لكنها يئست منه؛ لأنه كان في الطلب طويل الباع. فتزوجت ببعض الأغنياء وقال لي بعض الأصدقاء: إن لم تتزوج الآن، من تصلح لك؟ تزوجت عنك ذوات الحسب والجمال ولم تجد من يصلح لمثلك، يريد أن يصرفني عن طلب العلم، فقلت في ذلك هذه الأبيات:
دعاني الناصحون إلى النكاح غداة تزوجت بيض الملاح
فقالوا لي تزوج ذات دل خلوف اللخط حائلة والوشاح
ضحوكاً عن مؤشرة رقاق تمج الراح بالماء القراح
ثم قال:
فقلت لهم دعوني إن قلبي من الغي الصراح اليوم صاح
ولي شغل بأبكار عذارى كأن وجوهها غرر الصباح
أراها في المهالك لابسات براقع من معانيها الصحاح
أبيت مفكراً فيها فتضحى لفهم الفدم خافضة الجناح
أبحت حريمها جبراً عليها وما كان الحريم بمستباح
يقصد مسائل العلم، وأنه قد صار مغرماً بها وأنه اشتغل بها عن النساء، وكما قلنا بأن الشنقيطي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=35&ftp=alam&id=1000520&spid=35) رحمه الله لم يكن مُتعبداً بترك الزواج، ولم يكن راغباً عنه مخالفةً للسنة، وهو يعلم أن الزواج سنة المرسلين وتزوج وأنجب أولاداً بعد ذلك، ولكن حيثُ أنه لم يكن ممن يجب عليه الزواج، فإنه لم يُسارع إليه، وإلا لو كان يُخشى على الإنسان من الشهوة أو يخشى على نفسه الحرام ويخشى على نفسه العنت فإنه يجب عليه أن يتزوج حالاً، وذكر نص العلماء في كتب النكاح من كتبهم الفقهية، في أوائل كتاب النكاح في كتب الفقه تجد أحكام النكاح الخمسة، يذكرها بعضهم ومنها: الوجوب، وأنه إذا لم يكن له طريق لتحصين نفسه من الزنا إلا بالنكاح، فيجب عليه أن يتزوج. وإذا كان ذا شهوة ويصبر ويضبط نفسه، فيستحب له أن يتزوج، وكذلك المرأة، قالوا: إن كانت محتاجة إلى النفقة وإن كانت تواقة إلى الرجل، وإن كانت تخشى على نفسها من دخول واقتحام الفجرة عليها، فيجب عليها أن تتزوج. المرأة ماذا تفعل؟ تخلي بين الزوج المتقدم وبين النكاح، أي: لا تمتنع، فهي لا تستطيع أن تطوف وتقول: تزوجوني أيها الرجال، لكن ماذا تفعل؟ ما الحل بالنسبة للمرأة؟ إذا وجب عليها النكاح، ألا تمنع من يتقدم إليها، ولا تمتنع عمن يتقدم إليها إن كان ذا خلقٍ ودين. وبرز الشنقيطي ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=35&ftp=alam&id=1000520&spid=35) رحمه الله بعلمه مبكراً، فصار يُدرس ويُستفتى ويستقضى ويطلب قضاؤه، ويُرحل إليه في هذا، وصارت أخبار نجابته شائعةً ذائعةً في القطر الموريتاني .......
الشنقيطي وطريقته في القضاء
¥