وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين وأسندوا ظهورهم إلى جبل سلع، ووجوههم نحو العدو، والخندق يحول بينهم وبين عدوهم، ثم بلغهم أن يهود بني قريظة قد نقضوا عهدهم وتحالفوا مع المشركين على قتالهم فكان الأمر شديداً لولا أن تداركهم الله عز وجل برحمته فنصرهم ودحر عدوهم وأنزل في ذلك سورة تتلي إلى يوم القيامة وهي سورة الأحزاب وفيها: http://www.altawhed.com/Images%5CBRAKET_R.GIF يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً http://www.altawhed.com/Images%5CBRAKET_L.GIF
[ الأحزاب: 9 - 11].
حصارٌ وانتصار
ولكن ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مثل هذا لحصار والخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات واسترجعوا عند المصائب قائلين: «إنا لله وإنا إليه راجعون». فألقى الله عز وجل السكينة في قلوبهم، وألقى الرعب في قلوب أعدائهم، وثبت الله المؤمنين وأيدهم بجند من عنده: http://www.altawhed.com/Images%5CBRAKET_R.GIF وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً http://www.altawhed.com/Images%5CBRAKET_L.GIF [ الأحزاب: 22: 25].
لقد زرع النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه الثقة في الله ونصره وتأييده حتى قبل مجيء الأحزاب فكان يبشرهم وهم يحفرون الخندق بفتح بلاد كسرى وقيصر، فلما رجع الأحزاب خائبين وردهم الله عز وجل فلم ينالوا خيراً، قال النبي صلى الله عليه وسلم الآن نغزوهم ولا يغزوننا.
فهل تعي الأمة اليوم هذا الدرس، وهل نتعلم من الحصار كيف يكون الثبات والصبر واليقين، وكيف تكون الأخوة الإيمانية http://www.altawhed.com/Images%5CBRAKET_R.GIF إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ http://www.altawhed.com/Images%5CBRAKET_L.GIF
إن الحصار يكشف خبايا القلوب، ففي الحصار تظهر معادن الرجال، ويتميز الأشرار من الأخيار، والذين في قلوبهم مرض والمرجفون، عن الرجال الصادقين المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وما بدلوا تبديلا ً.
لقد ابتلى الله سبحانه وتعالى إخواننا في غزة بالحصار ليميز الله الخبيث من الطيب، وابتلاكم الله عز وجل في مشارق الأرض ومغاربها بهم لينظر ماذا نصنع لإخواننا، فماذا نحن فاعلون؟ هل نُسلم هؤلاء الضعفاء للخوف والجوع والظلام إلا من بريق القنابل والصواريخ، وضوء الحرائق التي تلتهم البيوت؟
هل نُسلم إخواننا وننسى قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يُسلمه ولا يظلمه، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».
ماذا نحن قائلون لربنا عز وجل، والأمة في ثبات عميق فمتى نفيق، وهل أصبحنا أمة لا تستشعر طعم النصر إلا في مباراة للكرة ينشغل بها أهل الفراغ الذين يهونون عظائم الأمور فلا يلقون لها بالاً، ويهولون من صغائر الأمور حتى تملأ القلوب والأسماع والأبصار، فمتى تفيق هذه الأمة من حال الغثائية، وتعلم أن الله عز وجل أراد لها أن تكون خير أمة أخرجت للناس.
لقد اعتدنا في مثل هذا البلاء أن يلقي كل واحد منا باللائمة على غيره، فتلقى الشعوب الغارقة في الوهم باللائمة على قادتها وحكوماتها، ويلقي الحكام والولاة باللائمة على الشعوب، فمتى ستعرف الأمة مصالحها؟
[الحجرات:10]. لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا
وبت أشكوا إلى مولاي ما أجد
فقلت يا أملي في كل نائبة
ومن عليه لكشف الضر أعتمد
أشكو إليك أموراً أنت تعلمها
مالي إلى حملها صبرٌ ولا جَلَدُ
أشكو إليك هواناً عمَّ أمتنا
وعسكر الكفر من أرجائها احتشدوا
يبغون قلع جذور الدين من غدنا
والمسلمون بقاع الأرض قد رقدوا
قد ضيعوا الدين الذي به عزوا
قد فرطوا في قول الله وأعدوا
وقد مددت يدي بالذل مبتهلاً
إليك يا خير من مدت إليه يد
فلا تردنها يا رب خائبة
فبحر جودك يروي كل من يرد
واجمع على الحق والإيمان أمتنا
ولا تردنا يا فرد يا صمد
فلا تلق أخي المسلم باللائمة على غيرك، وسل نفسك ماذا أنت قائل لربك غداً؟
وماذا أنت فاعلٌ لنصرة إخوانك؟
ماذا أنت فاعلٌ لنصرة دين الله عز وجل؟
أين أنت من دعوة صالحة تدعو بها لإخوانك
والله يا إخوان نحن لا نريد منكم في غزة الا الدعاء فعليكم بالدعاء
عسى أن يكون شخص مستجاب الدعوة فيكشف الله بدعوته عنا هذا البلاء الذي
هو من ذنوبنا وتفرقنا
¥