تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[(حصر بالبلاء من عرف الناس) علي رضي الله عنه]

ـ[أم حنان]ــــــــ[02 - 02 - 08, 03:11 م]ـ

بسم الله الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله:

ذكر اليعقوبي في كتابه (تاريخ اليعقوبي) عن علي رضي الله عنه مايلي:

وقال كميل بن زياد: وأخذ بيدي علي، فأخرجني إلى ناحية الجبانة، فلما أصحر تنفس الصعداء ثلاثا، ثم قال: يا كميل، إن القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل! العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، مات خزان المال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثلتهم في القلوب موجودة، ها إن هاهنا، وأشار إلى صدره، لعلما جما لو أصبت له حملة اللهم إلا أن أصيب لقنا غير مأفون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ويستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمه على خلقه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة في إحيائه، يقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك، أو منهوما باللذة، سلس القيادة للشهوة، أو مغرما بالجمع والادخار، ليسوا من رعاة الدين في شيء، أقرب شبها بهم الأنعام السائمة، اللهم كلا! لا تخلو الأرض من قائم بحق إما ظاهر مشهور، وإما خائب مغمور، لئلا يبطل حجج الله عز وجل وبيناته أولئك الأقلون عددا، والأعظمون خطرا، هجم بهم العلم، حتى حقائق الأمور، وباشروا روح اليقين، فاستلانوا ما استوعر المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان، أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، يا كميل أولئك أولياء الله من خلقه والدعاة إلى دينه، بهم يحفظ الله حججه، حتى يودعوها أمثالهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هاه شوقا إلى رؤيتهم. وقال: لو أن حملة العلم حملوه لحقه لأحبهم الله وملائكته وأهل طاعته من خلقه، ولكنهم حملوه لطلب الدنيا، فمنعهم الله، وهانوا على الناس. وقال: قيمة كل امرئ ما يحسن.

وقال: أيها الناس لا ترجوا إلا ربكم، ولا تخشوا إلا ذنوبكم، ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحي من يعلم أن يعلم، واعلموا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.

وقال: من كان يريد العز بلا عشيرة، والنسل بلا كثرة، والغناء بلا مال، فليتحول من ذل المعصية إلى عز الطاعة. وقال: كم من مستدرج بالإحسان إليه، وكم من مغرور بالستر عليه، وكم من مفتون بحسن القول فيه. وما ابتلي أحد بمثل الإملاء له، ألم تسمع قول الله عز وجل: " إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ". وقال: من اشتاق إلى الجنة تسلى عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات.

وخطب فتلا قول الله عز وجل: " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ". ثم قال: إن هذا الأمر ينزل من السماء كقطر المطر إلى كل نفس بما كتب الله لها من نقصان في نفس أو أهل أو مال، فمن أصابه نقص في أهله وماله، ورأى عند أخيه عفوه، فلا يكونن ذلك عليه فتنة، فإن المرء المسلم ما لم يأت دنياه يخشع لها وتذله، إذا

(1/ 190)


ذكرت تغرى به ليألم. الناس كالياسر ألفالح الذي ينتظر أول فوزه من قداحه يوجب له المغنم، ويدفع عنه المغرم، كذلك المرء البريء من الخيانة والكذب يترقب كل يوم وليلة إحدى الحسنيين: إما داعي الله فما عند الله خير له، وإما فتحا من الله، فإذا هو ذو أهل ومال، ومعه حسبه ودينه. المال والبنون حزب الدنيا، والعمل الصالح حزب الآخرة، وقد يجمعهم الله لأقوام.
وقال: من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، كان ممن حرمت غيبته، وكملت مروته، وظهر عدله، ووجب وصله.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير