تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[آداب المجالس.]

ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[04 - 03 - 08, 10:26 ص]ـ

جلس النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد هو وأصحابه، فأقبل ثلاثة رجال فدخل اثنان، وانصرف الثالث، واقترب الرجلان من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد أحدهما فرجة (مكانًا خاليًا) في الحلقة، فجلس فيها، وجلس الآخر خلف الحلقة.

فلما انتهى الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه، أخبر الصحابة عن حال هؤلاء الثلاثة، فقال: (أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه (لجأ وجلس ليستمع إلى كلام الله فأنزل الله عليه رحمته) وأما الآخر فاستحيا (لم يزاحم) فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض (عن مجلس الذكر) فأعرض الله عنه) [البخاري].

ومن الآداب التي يجب على المسلم أن يراعيها في جلوسه، ما يلي:

مجالسة الصالحين: المسلم يحسن اختيار من يجلس إليهم ويصاحبهم؛ فيختارهم من أهل الصلاح والتقوى، وممن يُعْرَفون بطاعة الله وعبادته، والمسلم لا يتخذ جلساءه ممن لا دين لهم ولا أدبًا؛ لأن الجليس والرفيق له تأثير كبير في نفس من يجالسه.

والمسلم يحرص على عدم مجالسة العاطلين والمدمنين والمنحرفين أخلاقيَّا حتى لا يؤثروا عليه، ويجتذبوه إلى طريقهم، وهو يسمع كل يوم أو يقرأ حادثة جديدة يكون سبب الانحراف فيها هو مجالسة شاب مدمن، أو عاطل أو شاذِّ أو منحرف؛ لذا فهو يختار أصدقاءه من أصحاب الأخلاق الحسنة، ومن الناجحين في دراستهم وأعمالهم. يقول صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله؛ فلينظر أحدكم من يخالل) [أبوداود والترمذي].

وشبه الرسول صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح والصديق الحسن بحامل المسك، أما الجليس السوء فهو كالذي ينفخ في النار، فقال صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك من المسك) وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً. ونافخ الكِير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة)

[متفق عليه].

وحث النبي صلى الله عليه وسلم على مجالسة الصالحين الأتقياء، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامك إلا تقي)

[أبو داود والترمذي].

وقد أمرنا الله ألا نجالس الذين يحرِّفون آيات الله ويضعونها في غير موضعها، فقال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}

[الأنعام: 68]. فالمسلم يحضر دائمًا مجالس الخير، ويحرص على الاستفادة منها.

إلقاء السلام والجلوس حيث انتهى المجلس: المسلم يلقي السلام إذا دخل على قوم وأراد أن يجلس معهم، وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: (إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلِّم) [الترمذي].

كذلك يجلس المسلم حيث ينتهي جلوس الناس، ولا يجوز له أن يقيم أحدًا من مكانه؛ ليجلس فيه مهما كانت مكانته؛ فالناس لآدم، وآدم من تراب، كلهم سواسية لا فرق بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه) [متفق عليه].

ولا يجلس المسلم وسط المجلس، فقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لُعِنَ من جلس وسط الحلقة) [أبو داود والترمذي] ولا يجلس بين رجلين إلا بإذنهما، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يُجْلَسْ بين رجلين إلا بإذنهما) [أبوداود].

الجلوس في اعتدال: المسلم يجلس معتدلا متأدبًا، لا يحدق النظر في الجالسين حوله، ولا يكثر من التنقل في المجلس، ولا يفعل ما ينافي الذوق السليم والطبع الحميد، ولا يقف والقوم جالسون، ولا يجلس والناس واقفون، كما أن المسلم يلتزم في مجلسه بالوقار والسكينة وحسن المظهر.

الابتعاد عن الجلوس في الطرقات والأسواق: على المسلم أن يتجنب الجلوس في الطرقات والأسواق حتى لا يؤذي المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والجلوسَ على الطرقات).

فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها.

فقال صلى الله عليه وسلم: (فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقها). قالوا: وما حق الطريق؟

قال صلى الله عليه وسلم: (غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر) [البخاري].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير