تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خطر العلم بدون عمل - لشيخ محمد حسان]

ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[09 - 03 - 08, 11:58 ص]ـ

أيها الإخوة، إن أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة والحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، (أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، عالمٌ وقارئٌ للقرآن، أُتي به)، أي بالعالم، (أُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: ما فما عملتُ؟ قال: تعلمتُ وعلمت، قال: كذبت، بل تعلمت ليقال عالم وقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في الناس)، عالم يُلقى في النار، وقارئٌ للقرآن (أُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت، قال: قرأتُ فيك القرآن، قال: كذبت، بل قرأت ليُقال قارئ وقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجل آتاه الله من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: فما عملت، قال: ما تركت سبيلا تحب أن يُنفق فيها لك إلا وأنفقتُ فيها لك، قال: كذبت، ولكنك أنفقت ليقال هو جواد وقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار، ورجلٌ استشهد)، سقط في الميدان شهيدًا فيما ينظر الناس، (فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملتُ، قال: قاتلت فيك حتى قتلت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال شهيد وقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار).

انظروا إلى خطر العلم بغير عمل، فكل علم لا يفيد عملا ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل البتة على استحسانه، فما قيمة علمٍ لا يورثنا الخشية من الله جلّ وعلا؟، ما قيمة علم لا يورثنا الطاعة؟ ما قيمة علم لا يدفعنا دفعًا إلى القرب من الله تبارك وتعالى؟ قال الله جلّ وعلا ? إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ? [فاطر: 28].

القضية أيها الأحبة ليست في التحصيل فحسب، وإنما في أن نحول هذا العلم الرباني القرآني والنبوي في حياتنا إلى واقع، إلى منهج عملي، ففي الصحيحين من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه) أي أمعاؤه، (فيُدار بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار، يا فلان يا فلان مالك؟ ألم تك تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه).

ألا أيها المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذو السقام من الدما كيما تصح منه وأنت سقيم

ابدأ بنفسها فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

وهناك يُقبل ما تقول ويُقتدى بالقول منك وينفع التعليم

أسأل الله أن يرزقنا الصدق في الأقوال والأعمال والأحوال.

كان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا"، أي كما يزل الماء عن الحجر الأملس، كم من مذكر بالله وهو ناسٍ له، وكم من مخوف من الله وهو جرئٌ على الله، وكم من تالٍ لكتاب الله وهو منسلخ عن آيات الله، وكم من مقرب إلى الله وهو بعيد عن الله، اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في الأقوال والأعمال والأحوال.

كان أبو الدرداء رضي الله عنه، وإن كان في سند الرواية ضعف، كان يقول "إنما أخاف أن يُقال لي يوم القيامة أعلمت أم جهلت؟ فأقول علمت".

أحفظ الأدلة وأقول قال الله وروى البخاري وروى مسلم وروى أحمد، أحفظ الأدلة وأمضي فيها كالسهم، لكن فتش عن قلبك، فتش عن عملك، "إنما أخاف أن يُقال لي يوم القيامة أعلمت أم جهلت؟ فأقول علمت، فلا تبقى آية من كتاب الله آمرة أو زاجرة إلا جاءتني تسألني فريضتها، فتقول الآمرة: هل ائتمرت، وتقول الزاجرة: هل انزجرت، فأعوذ بالله من عمل لا ينفع وقلب لا يخشع ونفس لا تشبع، ودعوة لا تسمع أو لا يُستجاب لها".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير