تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رسالة من عالم حق ناصر للسنة، إلى عالم سوء

بين الإمام النووي وابن النجار

كان في دمشق شخص يقال له ابن النجار " سعى في إحداث أمور على المسلمين باطلة فقام الشيخ – النووي - قدس الله روحه مع جماعة من علماء المسلمين فأزالوها بأذن الله تعالى ونصر الله، الحق وأهله، فغضب لذلك لكراهية مصلحة المسلمين ونصيحة الدين وبعث إلى الشيخ يتهدده ويقُول: أنت الذي تحزب العلماء على هذا، فكتب إليه الشيخ قدس الله روحه كتاباُ هذه صورته:

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، من عبد الله يحيى النووي.

اعلم أيها المقصر في التأهب لمعاده، التارك مصلحة نفسه في تهيئة جهاده له وزاده، أني كنت لا أعلم كراهتك لنصرة الدين ونصيحة السلطان حملاً منى لك ما هو شأن المؤمنين من إحسان الظن بجميع الموحدين، وربما كنت أسمع في بعض الأحيان من يذكرك بغش المسلمين فأنكر عليه بلساني وبقلبي لأنها غيبة لا أعلم صحتها ولم أزل على هذا الحال إلى هذه الأيام فجري ما جرى من قول قائل للسلطان وفقه الله الكريم للخيرات إن هذه البساتين يحل انتزاعها من أهلها عد بعض العلماء، وهذا من الافتراء الصريح والكذب القبيح، فوجب علي، وعلى جميع من علم هذا من العلماء أن يبين بطلان هذه المقالة، ودحض هذه الشناعة؛ فإنها خلاف إجماع المسلمين، وإنه لا يقول بها أحد من أئمة الدين وأن يُنهوا ذلك إلى سلطان المسلمين فأنه يجب على الناس نصيحته لقول النبي صلى الله عليه وسام في الحديث الصحيح: (الدين النصيحة لله ولكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم).

وإمام المسلمين في هذا العصر هو السلطان وفقه الله تعالى لطاعته وتولاه بكرامته، وقد شاع بين الخواص والعوام أن السلطان كثير الاعتناء بالشرع ويحافظ على العمل به، وأنه بنى المدرسة لطوائف العلماء ورتب القضاة من المذاهب الأربعة، وأمر بالجلوس في دار العدل لإقامة الشرع وغير ذلك مما هو معروف من اعتناء السلطان أعز الله أنصاره بالشرع، وأنه إذا طلب منه العمل بالشرع أمر بذلك ولم يخالفه.

فلما افترى هذا القائل في أمر البساتين ما افتراه، ودلس على السلطان وأظهر أن انتزاعها جائز عند بعض العلماء وغش السلطان في ذلك، وبلغ ذلك علماء البلد فوجب عليهم نصيحة الدين والسلطان وعامة المسلمين، فوفقهم الله تعالى للأتفاق على كتب كتاب يتضمن ما ذكرته على جهة النصيحة للدين والسلطان والمسلمين. وذكر بقية الكتاب وأنا اختصرته - ولم يذكروا فيه أحداً بعينه بل قالوا: من زعم جواز انتزاعها فقد كذب، وكتب علماء المذاهب الأربعة خطوطهم بذلك لما يجب عليهم من النصيحة المذكورة، واتفقوا على تبليغها ولى الأمر أدام الله أيامه، يوجب عليهم أن ينصحوا ويبينوا حكم الشرع، ثم بلغني عن جماعات متكاثرات في أوقات مختلفات حصل لى العلم بقولهم، إنك كرهت سعيهم في ذلك، وشرعت في ذم فاعل ذلك، واشتد معظم ذلك كله إلى، ويا حبذا ذلك من صنيع وبلغني عنك هؤلاء الجماعات إنك قلت: قولوا ليحيى هذا الذي سعى في هذا فينكف عنه وإلا أخذت منه دار الحديث، وبلغني هؤلاء الجماعات: انك حلفت مرات بالطلاق الثلاث إنك ما تكلمت في انتزاع هذه البساتين، وانك تشتهى إطلاقها، فيا ظالم نفسه؛ أما تستحي من هذا الكلام المتناقض وكيف يصح الجمع بين شهوتك، وإطلاقها وانك لم تتكلم فيها، وبين كراهيتك السعي في إطلاقها ونصيحة السطلان والمسلمين، وياظلم نفسه؛ هل تعرض لك أحد بمكروه أو تكلم فيك بغيبة؛ وإنما قال العلماء: من قال هذا السلطان فقد كذب ودلس عليه وغشه ولم ينصحه؛ فإن السلطان ما يفعل هذا إلا لإعتقاده أنه حلال عند بعض العلماء؛ فبينوا أنه حرام عند جميعهم، وإنك قد قلت إنك لم تتكلم فيها وحلفت على هذا بالطلاق الثلاث فأي ضرر عليك في إبطال قول كاذب على الشرع، غاش مدلس على السلطان؟ وقد قلت أنه غيرك؛ وكيف تكره السعي على شيء قد أجمع الناس على استحسانه. بل هو واجب على من قدر عليه، وأنا بحمد الله من القادرين عليه بالطريق الذي سلكت، وأما نجاحه فهو إلى الله تعالى مقلب القلوب والأبصار، ثم أني أتعجب غاية التعجب من اتخاذك إياي خصما، يا حبذا ذلك من اتخاذ، فأني بحمد الله تعالى أحب في الله وأبغض فيه، فأحب من أطاعه وأبغض من خالفه، وإذا أخبرت عن نفسك بكراهيتك السعي في مصلحة المسلمين ونصيحة السلطان فقد دخلت في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير