تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يظهر الكبر بلسان كثير من الطلبة غالباً، كالدعاوى الفارغة والمفاخرة وتزكية النفس على الغير , وحكايات الأفعال في معرض المفاخرة بغيره , وكذلك التكبر بالحسب والنسب, فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك, وإن كان أرفع منه عملاً, وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)) رواه مسلم برقم (2699)، قال ابن عباس رض الله عنهما: يقول الرجل للرجل: أنا أكرم منك, أي أنا أكرم منك حسبًا, أو أكرم منك أبًا, وليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوى, قال تعالى: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)).

وهذا من أسباب الكبر أن يتكبر الإنسان بوجاهته وحسبه ونسبه, أو أن يتكبر بالمال أو أن يتكبر بالجمال, أو أن يتكبر بالقوة وكثرة الأتباع, ونحو ذلك, فالكبر بالمال أكثر ما يجري بين التجار والأغنياء والرؤساء, والكبر بالجمال أكثر ما يجري بين النساء ولذلك تراهن يغتبن غيرهن ويتنقصن من جمال غيرهن, وكذلك الكبر بالقوة, وهذا يكون بين الرؤوساء ومن لهم أتباع, وهذا يحصل عند بعض من يعلم وعند بعض من له مستفيدون, فهذا من أسباب الكبر. وأعلم أن التكبر يظهر في شمائل الإنسان, يظهر في حركاته فمن ذلك أنه يحب قيام الناس له, أنه إذا جاء مجلس من المجالس أحب أن يتمثل له الناس قيامًا.

و قد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار)) [سبق تخريجه] وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: "ما كان أحد أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإذا رأيناه لا نقوم له لما نعلم من كراهيته لذلك, كان صلى الله عليه وسلم يكره أن يتمثل له الناس قيامًا, فمن الشمائل التي تظهر على الإنسان من جراء الكبر أن يحب أن يتمثل له الناس قيامًا, والسنة أن الإنسان إذا دخل مجلسًا أن لا يتمثل له الناس قيامًا, وإنما القيام عند الاحتفاء به والمعانقة واستقبال صاحب الدار لضيفانه واستقبال الرجل لأبنائه ونحو ذلك.

9 ــ ومن صفات المتكبر أيضًا أنه لا يمش إلا ومعه أحد يمشي خلفه, يكره بعضهم أن يمشي وحده أو أن يحضر مجلسًا وحده , فهذا من الخصال التي تظهر كذلك على الجوارح من جراء الكبر، فتراه إذا أراد حضور مجلس جيش معارفه لذهابه هذا، فتراهم كأنهم الأتباع والتلامذة له.

10 ــ ومن ذلك أيضًا أنه لا يزور أحد تكبرًا واستعلاءً أو استنكافًا, ومن ذلك أيضًا أن يستنكف من جلوس أحد إلى جانبه من الفقراء, وممن هم دونه, أو أن يمشي معه أحد من الضعفاء أو المساكين, فهذه خصال تظهر على الجوارح من جراء ما في القلب من الكبر والتكبر والعياذ بالله تعالى من كل ذلك.

خامساً ــ الدواء والعلاج:

إن العجب هو سبب الكبر، ولكي يسلم الإنسان من هذا الداء، لابد له من الدواء، والدواء من هذا الداء يكمن في عدة أشياء:

1 ــ تذكر نعمة الله تعالى عليك:

و أن ما بك من النعم هو من الله سبحانه، فواجب عليك شكر المنعم، وعدم نسيانه، فإن شكرت فقد استبقيت النعمة، وإن كفرت وتكبرت فقد استعجلت العقوبة التي تحل بك.

2 ــ اقتد بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم:

وإنك أخي في الله لن تفلح أبداً حتى تقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم وتتأسى به في حياتك، وهذا يقتضي أن تقرأ سيرته وتتعلم من سنته، عند ذلك ستجد أنه صلى الله عليه وسلم كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم وينطلق مع الأمة حيث شاءت ليشفع لها أو يقضي لها حاجتها وكان يخدم أهله في البيت ويحمل اليهم الحاجة وكان يتواضع للغريب والجاهل وطالب العلم، وقد تحدثنا عن بعض ذلك في اللقاء السابق، ففيما رواه الإمام مسلم في صحيحه برقم (876): (قَالَ أَبُو رِفَاعَةَ انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا قَالَ فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا)، نعم صدق الله ((وإنك لعلى خلق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير