تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- وثَمَّة احتمالٌ ثالث إن خرج الأمر عنِ الاحتمالَينِ السابقَينِ؛ وهو أن (يَعْلَى بنَ عطاء) قد سقط في مرحلة الطِّباعة فقط، وإن صحَّ هذا الاحتمال، فإنه يدل على أن المحقِّقَ لم يَقُمْ بمقابلة تجارب الطباعة مع النُّسْخة الخطية، وهو من الأمور المهمِّة في أعمال التحقيق، ومن المستبعَد أن يفوت على محقِّق متمَرِّسٍ.

المثال الثاني:

وقع في الصفحة الخامسة والأربعين - فيما تقدَّمَتِ الإشارة إليه - أيضًا: حدثنا أَسْلَمُ، قال: ثنا علي بن سهل الرَّمْلِيُّ، قال: ثنا يزيد بن أبي الزرقاء، قال: ثنا شُعْبَة، عن يَعْلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: بمثله. هكذا وقعت هذه الرِّوَاية: عن يزيد بن أبي الزرقاء، ولا يُوجد في شيوخ علي بن سهل من اسمه يزيد، وإنما ذكر الحافظ المِزِّيُّ في شُيُوخِهِ: (زيد بن أبي الزرقاء) [19] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2248#_ftn19) ، كما لا يوجد في الرواة عن شُعْبَة: (يزيد بن أبي الزرقاء)، وإنما ذكر المِزِّيُّ في الرواة عنه: (زيد بن أبي الزرقاء) [20] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2248#_ftn20). وفضلاً عن ذلك فإن اسم أبي الزرقاء هو: يزيد، هكذا ذكره المِزِّيُّ في ترجمة زيدٍ ابنِهِ [21] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2248#_ftn21)، ومع ذلك فليس منَ المستبعَد أن يَحمِلَ الابن اسمَ أبيه، ولكن لم أقف في دواوين الرواة على ما يؤيِّدُهُ، وذكر الحافِظُ البَيْهَقِيُّ في "شعب الإيمان" عقب الحديث رقم (7447): أن هذا الحديث رواه زيد بن أبي الزرقاء، عن شُعبة، وهذا يدل على أن اسم راوي هذا الحديث عن شُعبة، هو: (زيد بن أبي الزرقاء)، وليس (يزيد بن أبي الزرقاء)، وينطبق على هذا الحديث ما ينطبق على سابقه من الاحتمالات المذكورة هناك، والله أعلم.

المثال الثالث:

وقع في آخِرِ الصفحة الخامسة والأربعين أيضًا: حدثنا أسلم، قال: ثنا عبدالحميد بن بيان، قال: ثنا أحمد بن أبيشَيْبَةَ، عن سهل بن ذَكْوَانَ، قال: رأيتُ عبداللَّه بن عمرو، وعبداللَّه بن الزبير، وعبدالله بن عباس - رضي الله عنهم - يتحدَّثون في طوافهم.

ووقع تصحيف في هذا الإسناد:

- فقوله: (سهل بن ذَكْوَانَ)، المشهور فيه: (سُهَيْلُ بنُ ذَكْوَانَ)، وهو: سُهيل بن ذَكْوَانَ الوَاسِطِيُّ أبو السِّنْدِيِّ المَكِّيُّ. وسُهيل بن ذَكْوَانَ منَ الأسماء المتشابهة التي يتوقف عندها طالبُ الحديث، إذ يَشتَبِهُ مع: سُهيل بن ذَكْوَانَ السَّمَّانُ، وهو سُهيل بن أبي صالح، ولم يدرِك عائشة - رضي الله عنها - وقدْ ورد هذا الاسم في ثلاثة مواضِعَ في "تاريخ واسط" - كما هو موضَّح في فهرس الأعلام - وقد أَثْبَتَ في المواضع الثلاثة كلِّها (سَهْل)، فقد وَرَدَ كذلِكَ في الصفحة السبعين، وفي الصفحة الثالثة والسبعين أيضًا، وسهل بن ذَكْوَانَ، ذُكِرَ في مصادر ترجمته باسم: (سُهيل بن ذَكْوَانَ)، وكذلك ذَكَرَهُ الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان"، باسم سُهيل بن ذَكْوَانَ، تَبَعًا لما في "الميزان"؛ ولكنه أشار إلى أنه وقع في "الثقات" لابن حِبَّانَ: (سهْل بسكون الهاء). ولعلَّ مثل هذه المواقف تُبرِز علاقة المحقق بالفنِّ الذي مارس عمل التحقيق فيه، وهو ما يُبَرْهِنُ - بفضل الله تعالى- على أن مصادرنا حَصينة، ويتعذَّر على غير المتخصص أن يجيد التعامل معها.

وكل هذه المعلومات كانت جديرة بإثراء التحقيق، ليس من قبيل تضخيم الكتاب، وإنما لبيان سلامة ما في المخطوط أو العكس، وهو ما قد يَخْفَى على غَيْرِ المُتَخَصّصين، وإن كانوا من البارِعِين، فَضْلاً عن المستشرقين، الَّذين يَنْقُصُهُمُ التَّخَصُّصُ جملةً وتفصيلاً، هذا إذا حَسُنَ الظنُّ بهم، فماذا لو كان الظَّنُّ بهم أن دَأْبَهُمُ التشويهُ والدَّسُّ، ودَيْدَنُهُمُ الطعنُ والبَخْسُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير