تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"فأنتخب من مزدَحَم الحياة: العلماء الهداة في مثالهم: العالم العامل بعلمه في خاصة نفسه، ونصحه لله، و لرسوله، ولإمامه، ولعموم أهل الإسلام، فما أن يُذكر اسم ذلك العالم إلا و يُرفع في العلماء العاملين، فعلمه و عمله متلازمان أبداً، كالشاخص والظل سواء، و الله يمنّ على مَن يشاء.

فأنتصر له حسبةً لله، لا دفاعاً عن شخصه فحسب، بل وعن حرمات علماء المسلمين و منهم دعاتهم، و رجال الحِسبة فيهم؛ إذ بدا لقاء ما يحملونه من الهدى و الخير و البيان: اخْتِراقُ: (ظاهرة التجريح) لأعراضهم بالوقيعة فيهم، و فَرْي الجرّاحين في أعراضهم، و في دعوتهم، ولما صَنعَه (سُعاةُ الفِتنة) مِن وقائع الافتراء، وإلصاق التّهم، وألوان الأذى، و رمي الفتيل هنا و هناك، ممّا لا يخفى في كلّ مكان وَ صَلَته أصواتُهم البَغيضَة.

و لِعِظَم الجناية على العلماء، صار من المعقود في أصول الاعتقاد: (و مَن ذكرهُم بسوء فهو على غير سبيل).

و على نحوه كلمات حِسان لعدد من علماء الأمة الهداة في العلم و الدّين.

لذلك، و لما لهم على العامة و الخاصّة من فضل في تعليم الناس الخير، ونشر السّنن، و إماتة الأهواء و البدع، فهم قد أوتوا الحكمة يَقضون بها، و يعلّمونَها الناس، و لم يتخلّفوا في كُهوف (القَعَدَة) الذين صرفوا وجوههم عن آلام أمتهم و قالوا: "هذا مغتسل بارد وشراب و كأنّما عناهم شوقي بقوله:

و قد يموت كثير لا تُحِسُّهم كأنهم مِن هَوَان الخطب ما وُجدوا

بل نزلوا ميدان الكفاح، و ساحة التبصير بالدين، و هم الذين يُنبؤن عن مقياس العظمة (العِصَامِيَّة) التاريخية في أشباحهم المغمورة، لا العظمة (العِظَامِيَّة) الموهومة، كما لبعض أصحاب الرُّتب، و الشارات، المفَرِّغين لأنفسهم عن قَرْن العِلم بالعَمَل.

إنّ القيم، و الأقدار، و آثارها الحسان، الممتدة على مسارِب الزمن لا تُقَوَّم بالجاه، والمنصب، و المال، و الشّهرة، و كيل المدائح، و الألقاب، و إنما قَوامها و تقويمها بالفضل، و الجهاد، و ربط العلم بالعمل، مع نُبْل نفس، و أدَبٍ جمٍّ، و حُسْن سَمْت، فهذه، و أمثالها هي التي تُوزن بها الرّجال و الأعمال.

و إلى هذا الطّرازِ المبارك تَشْخُصُ أبصارُ العالَم، و لكلّ نبأٍ مستقَرّ.

لهذا كلّه، صار من الواجب على إخوانهم، الذبّ عن حُرماتهم و أعراضهم بكلمات تَجْلو صدأ ما ألصقه (المنشقّون) بهم من الثرثرة، و تَكْتِم صَدَى صياحهم في وجه الحقّ. و إيضاح السبيل الآمن الرَّشَد، العدلِ الوسَط" (6).انتهى كلامه رحمه اللّه رحمة واسعة.

و في الأخير أسأل اللّه عزّ و جلّ أن يغفر لمَن سبقني بالإيمان و أنْ لا يجعل في قلبي غِلاّ للّذين آمنوا، و أن يهديني و إخواني إلى الحقّ، في جليّ الأشياء و خفيّها، و يثبّتنا عليه، و يجمعني و إيّاهم عنده في جنّات و نهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، مع الأنبياء و الصدّيقين و الشّهداء و الصّالحين و العلماء المتّقين، و أسأله الغفور التوّاب؛ السّداد و الإخلاص و الصّواب، و حُسن الخاتمة و المغفرة و الثّواب؛ في القول و العمل، كما أناشد إخواني الدّعاء لي و لوالدي و لكلّ من له عليّ فضل، و لي منّي إليهم مقدَّما المحبّة في اللّه و السّلام مع رحمته و بركاته و مغفرته.

و سبحانك اللّهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرك و أتوب إليك

___

(1) سورة فصّلت: [الآية: 43].

(2) سورة ص: [الآية: 62_63].

(3) رواهمسلم و غيره عن أبي مسعود الأنصاري رضي اللّهعنه.

(4) أخرجهالخرائطي في (مكارم الأخلاق) و ابن عساكر عن أبي الدّرداء رضي اللّه عنه، و إسناده لا بأس به في الشّواهدو المتابعات؛ كما في (غاية المرام) تحت حديث رقم 431. عن: (الغيبة و أثرها السيّئ في المجتمع الإسلامي، للشّيخ حسين العوايشة: ص36).

(5) أخرجهأحمد عن أسماء بنت يزيد رضي اللّه عنها، و هو صحيح بشواهده و طرقه؛ كما في (غاية المرام): 431. عن: (الغيبة و أثرها السيّئ في المجتمع الإسلامي، للشّيخ حسين العوايشة: ص36).

(6) تصنيف النّاس بين الظّنّ و اليقين: ص 05 - 06 - 07.

أخوكم محمّد بن حسين حدّاد الجزائري

ليلة الأربعاء 11 ربيع الأوّل 1429هـ، الموافق لـ: 19 مارس 2008م

[email protected]

ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[12 - 04 - 08, 10:02 م]ـ

أسال الله أن يبارك فيكم .....

ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[05 - 08 - 08, 03:43 ص]ـ

للرفع للأهمية القصوى

ـ[أبو العباس الجزائري]ــــــــ[06 - 08 - 08, 02:14 ص]ـ

بارك الله فيك اخي في الله

ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[17 - 04 - 09, 01:21 ص]ـ

للرفع

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير