تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن هذا العلم هو الذي تحصل به الصيانة عن الوقوع في التخبيط والضلال في شريعة الإسلام عامة، فتجده مطَّردًا معك في فروع الشريعة، فمدار الشريعة الإسلامية عامةً على الإسناد في إثبات قول مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم، أو أثر لصحابي، أو قول لتابعي، أو نقل في أي فرع من فروع العلم، فلهذا أقبل السلف على معرفته، وجمع مسائله وضبطها وتنقيحها؛ حتى يسلم بذلك كل ما ينبني عليه من تفريعات عقدية وفقهية. فتراه يدخل في شتّى فروع العلم.

وإن عدم معرفته يحصل به الزلل كما وقع لكثير من الفرق التي ضل سعيها، فتراها تتقلب في العمل بنقل مطروح، أو شديد الضعف، أو تقديم ضعيف على صحيح؛ لقلة اهتمامهم بهذا الفن، أو عدم معرفتهم لدقائقه التي أهلكتهم فيما هلكوا فيه.

أقوال العلماء في فضل هذا العلم وأهميته للشريعة الإسلامية:

قال ابن جماعة: (العلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وروايته من أشرف العلوم وأفضلها، وأحقها بالاعتناء لمحصلها؛ لأنه ثاني أدلة علوم الإسلام، ومادة علوم الأصول والأحكام، ولذلك لم يزل قدر حفَّاظه عظيمًا، وخطرُهم عند علماء الأمة جسيمًا، ولهذا العلم أصول وأحكام، واصطلاحات وأقسام، وأوضاع يحتاج طالبه إلى معرفتها وتحقيق معنى حقيقتها، وبقدر ما يُحَصِّل منها تعلو درجتُه، وبقدر ما يفوته تَنْحَطُّ عن غايته رتبتُه، ومدار هذه الأمور على المتون، والأسانيد، وكيفية التحمل، والرواية وأسماء الرجال، وما يتصل بجميع ذلك) ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=798024#_ftn1)).

قال الرامهرمزيّ في كلامه على أهل الحديث: (حزب الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأتباع الوحي، وأوعية الدين، ونقلة الأحكام والقرآن، الذين ذكرهم الله -عز وجل- في التنزيل، فقال: ?وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ? ([2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=798024#_ftn2)))([3] (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=798024#_ftn3)).

قال الحافظ ابن حجر: (لما كانت السنة الوحيَ الثاني بعد المتشابه المثاني؛ وجب على كل ذي لبّ حفظها وذكرها، وتعليمها ونشرها، ومن المعِين على ذلك معرفة أوضاع اصطلح عليها حمَلَتُها، ورسوم بيّنها نَقَلتُها) ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=798024#_ftn4)).

قال القاضي عياض: (إن أصل الشريعة التي تعبّدنا بها إنما هي متلقَّاة من جهة نبينا صلوات الله عليه وسلامه؛ إمَّا فيما بلغه من كلام ربه وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي تكفل الله بحفظه، فقال جلّ وعزّ: ?إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ? ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=798024#_ftn5))، وبهذا الوجه ارتفع بحمد الله فيه اللبس، واطمأنت لصحة جميعه كلُّ نفس، ونقل بالتواتر كافةً عنه، ولم يقع بين فرق المسلمين خلاف في حرف منه، ثم بعد ذلك ما أخبر به من وحي الله إليه، وأوامره ونواهيه، وقد قال تعالى: ?وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى? ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=798024#_ftn6))، ورحم الله سلفنا من الأئمة المَرْضِيِّين، والأعلام السابقين، والقدوة الصالحين، من أهل الحديث وفقهائهم قرنًا بعد قرن، فلولا اهتبالهم بنقله، وتوفرهم على سماعه وحمله، واحتسابهم في إذاعته ونشره، وبحثهم عن مشهوره وغريبه، وتنخيلهم لصحيحه من سقيمه؛ لضاعت السنن والآثار، ولاختلط الأمر والنهي، وبطل الاستنباط والاعتبار، كما اعترى من لم يعتن بها وأعرض عنها، بتزيين الشيطان ذلك له، من الخوارج والمعتزلة وضعفة أهل الرأي، حتى انسلّ أكثرهم عن الدين، وأتت فتاواهم ومذاهبهم مختلة القوانين، وذلك لأنهم اتبعوا السبل وعدلوا عن الطريق، وبنَوْا أمرهم على غير أصل وثيق، ?أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ? ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=798024#_ftn7)) الآية) ([8]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير