تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[من درر الشيخ محمد حسان]

ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[12 - 04 - 08, 12:20 ص]ـ

ما احوجنا الى هذه حكمة

وما أجمل قول قتادة في تعليقه على قول الله لموسى وهارون على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ? اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ? [طه: 43]، كلنا يعرف فرعون، ففرعون هو الذي قال أنا ربكم الأعلى، وفرعون هو الذي قال ما علمت لكم من إله غيري .... إلخ، ومع ذلك يأمر الله موسى وهارون نبيين كرمين أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فقال قتادة "يا رب ما أحلمك، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولا لينًا، فإن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبدٍ قال سبحان ربي الأعلى".

وأنا أقول لقد دخلت بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل الجنة في كلب، يا الله، دخلت الجنة في كلب!!، مرت على كلب يلهث الثرى من العطش فعادت إلى بئر ماء فملأت موقها ماءً وقدمت للكلب فشرب، فغفر الله لها بذلك.

أقول يا إخوة إذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا، فكيف تصنع الرحمة بمن وحد رب البرايا.

أركز على هذا لأنني ألمح قسوة وجفوة في كثير من طلابنا، إذا أعفى الطالب لحيته ووضع الغترة على رأسه والتزم بدرسٍ من دروس العلم يحول البيت إلى نار متأججة، لا يستطيع والده أن يكلمه، ولا تستطيع أمه أن تتحدث معه، فضلا عن أخواته وفضلا عن إخوانه، لماذا؟!! يقول التزمت، هل هذه حياة الالتزام؟!!، هل بهذا الخلق والسلوك ندعو غيرنا إلى الله تبارك وتعالى ونأخذ بقلوب الخلق إلى الله تبارك وتعالى؟!!، مُحالٌ يا اخوة.

احفظوا مني هذه الكلمات، أقول إن الحق معنا، أطلتُ النفس في هذه الجزئية لأنني أعالج واقعًا مرًا أليمًا نحياه الآن.

لماذا استطاع أهل الباطل أن يجذبوا الناس إلى باطلهم؟ لماذا لم يستطع أهل الحق إلى الآن أن يجذبوا الناس إلى الحق الذي من أجله خلق الله السماوات والأرض وأنزل الكتب وأرسل جميع الرسل وخلق من أجله الجنة والنار؟

لخلل في منهجنا، لخلل في دعوتنا، لخلل في أسلوبنا في البلاغ عن الله تبارك وتعالى، فالدعوة فن، لا يجوز للداعية أن يتجاوز أصوله التي حددها القرآن كما ذكرت.

أقول إن الحق معنا، احفظوا مني هذا، إن الحق معنا، لكننا لا نحسن أن نشهد لهذا الحق شهادة خلقية عملية على أرض الواقع، ولا نحسن أن نبلغ هذا الحق لأهل الأرض بحق، هذه هي المشكلة، وإن الباطل مع غيرنا، لكنه يحسن أن يلبس الباطل ثوب الحق، ويحسن أن يصل بالباطل إلى حيث ينبغي أن يصل الحق، وحينئذٍ ينزوي حقنا ويضعف كأنه مغلوب، كما هو الواقع، وينتفخ الباطل وينتفش كأنه غالب، كما هو الواقع.وهنا نتألم لحقنا الذي ضعفُ وانزوى، وللباطل الذي انتفش وانتفخ، فنعبر عن ألمنا هذا بصورة من صورتين لا ثالث لهم:

إما أن نعبر عن ألمنا بصورة مكبوتة سلبية فنزداد هزيمة نفسية على هزيمتنا وانعزالا عن المجتمع والعالم.

وإما أن نعبر عن ألمنا هذا بصورة صاخبة متشنجة منفعلة، وأحيانًا دموية مخزية، فيزداد أهل الأرض في الأرض بغضًا للحق الذي معنا وإصرارًا على الباطل الذي معهم، فنخسر الحق مرة بعد مرة، مع أننا على الحق ومع غيرنا على الباطل. القضية أيها الأفاضل كيف ندعو الناس؟ كيف نبلغ الحق لأهل الأرض بحق؟ أقول أيها الأحبة إننا لا نتعامل مع ملائكة بررة، ولا مع شياطين مردة، ولا مع أحجار صلبة، بل نتعامل مع نفوس بشرية فيها الإقبال والإحجام، فيها الخير والشر، فيها الحلال والحرام، فيها الفجور والتقوى، فيها الطاعة والمعصية، أولم يقل خالق النفس البشرية جلّ وعلا ? وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ? [الشمس: 7، 8]، فلنتعامل مع النفس البشرية من هذا المنطلق، لنسبر أغوراها، لنتغلغل إلى أعماقها، ولن يكون ذلك أبدًا أيها الأحبة إلا بالحكمة البالغة والموعظة الحسنة والكلمة الرقيقة الرقراقة، هذا فضل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.

والنبي r يقول لعلي رضي الله عنه كما في الصحيحين من حديث سهل ابن سعد وفيه أنه قال (لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم)، الله الله الله، انظروا إلى هذا الفضل العظيم، (لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير