تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الإخلاص في العلم]

ـ[عبدالرحمن الثبيتي]ــــــــ[24 - 04 - 08, 03:05 ص]ـ

قال إبراهيم النخعي: من ابتغى شيئاً من العلم يبتغي به وجه الله عز وجل أتاه الله منه ما يكفيه.

وعن محمد بن يوسف الفريابي قال: سمعت الثوري يقول: ما عمل أفضل من طلب الحديث،إذا صحت النية فيه، قال أحمد: قلت للفريابي: وأي شيء النية؟ قال: تريد به وجه الله والدار الآخرة.

قال الثوري: والله لو أعلم بالذي يطلب هذا العلم لايريد به إلا ما عند الله لكنت أنا الذي آتيه في منزله فأحدثه بما عندي مما أرجو أن ينفعه الله به.

قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلّمه فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره. (1)

وعن صفوان بن عسال المرادي قال: أتيتُ المصطفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: ماجاء بك قلت: أنبط العلم _ أي: اطلبه وأستخرجه _ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاً بما يصنع حتى يخرج. (2)

وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:من غدا إلى المسجد لايريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاج تامًّا حجته. (3)

وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع. (4)

قال المناوي في (فيض القدير 5/ 478): ما من خارج من بيته في طلب العلم أي الشرعي يقصد التقرب إلى الله. قال الغزالي: هذا إذا خرج إلى طلب العلم النافع في الدين دون الفضول الذي أكب عليه الناس وسموه علماً. والعلم النافع ما يزيد في خوفك من الله ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك وآفات عملك وزهدك في الدنيا فإن دعتك نفسك إلى الخروج في طلب العلم لغير ذلك فاعلم أن الشيطان قد دسّ في قلبك من الداء الدفين وهو حب المال والجاه فإيك أن تغتر به فتكون ضحكة له ثم يخسر بك.

كان منصور بن المعتمر وثابت البنابي يقولان: طلبنا العلم وما لنا فيه نية فرزقنا النية الصالحة بعد ذلك لأن العلم يبعث صاحبه على الإخلاص فيصير يطلبه حتى يحصل له.

وقال أبو داود الطيالسي رحمه الله: ينبغي للعالم إذا حررّ كتابه أن يكون قصده بذلك نصرة الدين لا مدحه بين الأقران لحسن التأليف.

عن عون بن عبدالله قال: كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث وكتب بذلك بعضهم إلى بعض: من عمل لآخرته كفاه الله ديناه ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.

قال الشافعي: ما نظرت أحداً قط إلا على النصحية.

وقال: مانظرت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان ويكون عليه رعاية من الله وحفظ وما ناظرت أحداً إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه.

وعن حرملة قال: سمعت الشافعي يقول: وددت أن كل علم أعلمه يعلمه الناس وأوجر عليه ولايحمدني.

عن شعبة قال: ما أقول لكم إن أحداً طلب الحديث يريد وجه الله تعالى إلا هشاماً الدستوائي وإن كان يقول: ليتنا ننجو من هذا الحديث كفافاً لا لنا ولاعلينا.

لما ترك بشر الحافي الجلوس لإملاء الحديث قالوا له: ماذا تقول لربك يوم القيامة؟ فقال: أقول يارب إنك أمرتني فيه بالإخلاص ولم أجد عند نفسي إخلاصاً.

وكان بشر الحافي يقول: والله لقد أدركنا أقواماً كانوا لا يعلمون أحداً العلم حتى يروضّوا نفسه سنين كثيرة ويظهر لهم صلاح نيته.

الامام النووي من سادات المخلصين:

كان الإمام النووي رحمه الله تعالى إذا دخل عليه أمير على غفلة وهو يدرس في العلم في المدرسة الأشرفية أو جامع بني أمية يتكدر لذلك وإذا بلغه أن أحداً من الأكابر قد عزم على زيارته في يوم درسه لا يدرس العلم ذلك اليوم خوفاً أن يراه ذلك الأمير وهو في محلفه ودرسه العظيم ويقول: من علامة المخلص أن يتكدر إذا اطلع الناس على محاسن عمله كما يتكدر إذا اطلعوا على مساويه فإن فرح النفس بذلك معصية وربما كان الرياء أشد من كثير من المعاصي.

قال المحدث أبو العباس أحمد بن فرح الإشبيلي: كان الشيخ محيى الدين قد صار إليه ثلاث مراتب كل مرتبة منها لو كانت لشخص شُدت إليه آباط الإبل من أقطار الأرض:

ـ[عبدالرحمن الثبيتي]ــــــــ[24 - 04 - 08, 03:40 ص]ـ

المرتبة الأولى: العلم والقيام بوظائفه.

المرتبة الثانية: الزهد في الدنيا وجميع أنواعها.

المرتبة الثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

صنف النووي رحمه الله كتباً في الفقه والحديث عمّ النفع بها وانتشر في أقطار الأرض ذكرها وعمره في العلم تعلماً وتعليماً وتأليفاً لا يتجاوز خمساً وعشرين سنة ومؤلفاته المتقنة الرائعة تسير بذكرها الركبان خذ مثالاً على ذلك كتابه (رياض الصالحين) الذي قال عنه السخاوي: إنه جليل لايستغنى عنه.

كم من الآف بل وملايين انتفعوا بهذا الكتاب مع صغر جحمه وما هذا إلا لإخلاص النووي ويرحم الله إمام دار الهجرة مالك ابن أنس قالوا له: مافائدة موطئك بعد كتاب ابن أبي ذئب فقال: ما كان لله سيبقى. وبقى علم النووي لأنه كان لله.

عن إياس بن معاوية بن قرة قال: كنت نازلاً على عمرو بن النعمان بن مقرن فلما حضر رمضان جاءه رجل بألفي درهم من قِبَل مصعب بن الزبير فقال: إن الأمير يُقرئك السلام ويقول: إنا لن ندع قارئًا شريفاً إلا وقد وصل إليه معروف فاستعن بهذين على نفقة شهرك هذا فقال عمرو: اقرأ على الأمير السلام وقل له: والله ما قرأنا القرآن نريد به الدنيا وردّه عليه.

قال الأعمش: إن لي عشرين سنة مارأيت مخلصاً في علمه إنما صار العلم حرفة للمفاليس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صحيح الجامع (6184)

(2) الترغيب (81) صحيح الجامع (5702)

(3) الترغيب (1/ 145)

(4) صحيح الترغيب (88)

(5) الموضوع منقول من كتاب تعطير الأنفاس من حديث الإخلاص الدكتور سيد بن حسين العفاني (192 _197).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير