[وصية موفق الدين البغدادي لطالب الربانية]
ـ[العوضي]ــــــــ[25 - 04 - 08, 02:42 م]ـ
هذه وصية جامعة مانعة نافعة إن شاء الله اختصرتها واقتصرت على إيراد ما نحن بصدده نستحث بذا شحذ الهمم وإيقاظها وهي أقرب شيء لتبصير المتعلم سبل التعلم والحذر من آفات الطريق، منها إلى الحث على طلب العلم ففيها من ذا بعض شذرات وشيء من دفع قليل وهي لنفاستها وقيمتها رأيت أن أدرجها ههنا ومن أرادها كاملة فعليه بالأصل.
قال مُوَفَّقُ الدِّينِ البَغْدَادِيُّ رحمه اللَّه تعالى في وصيته لطالب الربانية: ((أُوْصِيْكَ أن لا تَأْخُذَ العُلومَ مِنَ الكُتُبِ وَإِنْ وَثِقْتَ مِنْ نَفْسِكِ بِقُوَّةِ الفَهْمِ، وَعَلَيْكَ بالأُسْتَاذِيْنَ في كُلِّ عِلْمٍ تَطْلُبُ اكْتِسَابَهُ، وَلَو كَانَ الأُسْتَاذُ نَاقِصاً؛ فَخُذْ عَنهُ مَا عِنْدَهُ حَتَّى تجِدَ أَكْمَلَ مِنْهُ.
وَعَلَيْكَ بِتَعْظِيْمِهِ، وَتَوجِيْبِهِ، وَإِنْ قَدِرْتَ أَنْ تُفِيْدَهُ مِنْ دُنْيَاكَ فَافْعَلْ، وَإِلَّا فَبِلِسَانِكَ وَثَنَائِكَ.
وَإِذَا قَرَأْتَ كِتَاباً فَاحْرِصْ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى أَنْ تَسْتَظْهِرَهُ وَتَمْلِكَ مَعْنَاهُ، وَتَوَهَّمْ أَنَّ الكِتَابَ قَدْ عُدِمَ، وَأَنَّكَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ، لا تحْزَنْ لِفَقْدِهِ، وَإِذَا كُنْتَ مُكِبّاً عَلَى دِرَاسَةِ كِتَابٍ وَتَفَهُّمِهِ؛ فَإِيَّاكَ أَنْ تَشْتَغِلَ بِآخَرَ مَعَهُ.
وَإِيَّاكَ أَنْ تَشْتَغِلَ بِعْلْمَينِ دَفْعةَ وَاحِدةً، وَوَاظِبْ عَلَى العِلْمِ الوَاحِدِ سَنَةً أَوْ سَنَتَينِ أَو مَا شَاءَ اللهُ؛ فَإِذَا قَضَيْتَ مِنْهُ وَطَرَكَ فَانْتَقِلْ إِلى عِلْمٍ آخَرَ.
وَلا تَظُنَّ أَنَّكَ إِذَا حَصَّلْتَ عِلْماً فَقَدِ اكْتَفَيْتَ، بَلْ تحْتَاجُ إلى مُرَاعَاتِهِ لِيَنْمُوَ وَلا يَنْقُص، وَمُراعَاته تَكونُ بالذَّاكِرَةِ والتَّفَكُر، واشْتِغَالُ المُبْتَدِىءِ بالتَّلفُظِ والتعلمِ ومُبَاحَثَةِ الأَقْرانِ، واشتغالُ العالمِ بالتَّعَلُّمِ والتَّصنيف.
وَإذَا تَصَدَّيتَ لتعليمِ عِلمٍ أَو للمناظرةِ فيه فَلا تمْزُجْ به غَيرَهُ مِنَ العُلُومِ، فَإِنَّ كُلَّ علمٍ مُكْتَفٍ بِنفسِهِ مُسْتَغْنٍ عَن غَيرِهِ، فَإِنَّ استعانَتَكَ في عِلمٍ بعلم؛ عَجْزٌ عن اسْتِيَفَاءِ أَقْسَامِهِ، كَمَن يَسْتَعِينُ بلغةٍ في لغة أُخَرَى إِذا عَلِمَهَا أَو جَهِلَ بَعْضَهَا. . . . . . وَينبغي أَن تُكْثِرَ إِيَهَامَكَ ولا تحُسْن الظنَّ بها، وَتَعْرِضَ خَواطِرَك على العلماء وعلى تَصَانيفِهِِم، وَتَتَثَبَّتَ ولا تَعْجَلْ، ولا تَعْجَبْ فمع العُجْبِ العِثَارُ، ومع الاستبداد الزللُ.
ومن لم يَعْرَقْ جَبينُهُ إلى أَبوابِ العلماءِ لم يَعْرَقْ في الفَضِيلَةِ، وَمَن لم يُخْجِلُوه لم يُبَجِّلْهُ النَّاسُ، ومن لم يُبَكِّتُوهُ لم يَسُدْ، ومن لم يحْتَمِل أَلَمَ التَّعلمِ لم يَذُق لَذَةَ العلم، ومن لم يَكْدَحْ لم يُفْلِحْ. . . . . . واعلم أن لِلعلمِ عَبَقاً وَعَرْفاً يُنادي على صاحبه، وَنُوراً وَضِيَاءً يُشْرِقُ عليه ويَدل عليه، كتاجر المسك لا يخفى مكانه، ولا تجهل بضاعته، وكمن يمشي بِمِشْعَلٍ في ليلٍ مُدْلَهِمٍّ.
والعالم مع هذا محبوب أينما كان، وكيفما كان، لا يجد إلا من يميل إليه، ويؤْثِرُ قُرْبَهُ، ويأنسُ به، ويرتاح بمداناته. . .)) (1).اهـ
ـــــــــــــــ
(1) ابن أبي أصيبعة (عيون الأنباء في طبقات الأطباء / 642) ضبط وتصحيح محمد باسل
منقول من شبكة سحاب للأخ هشام الهاشمي
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[25 - 04 - 08, 03:30 م]ـ
نعم النصيحة
فجزى الله خيرا ناقلَها
ـ[أبو شوق]ــــــــ[25 - 04 - 08, 06:31 م]ـ
جزاكم الله خير
ـ[أبو الحارث الحنبلي]ــــــــ[25 - 04 - 08, 09:22 م]ـ
جزاكم الله خيراً.
ـ[أبو الحسين باوزير]ــــــــ[25 - 04 - 08, 09:53 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم.
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 06:58 م]ـ
وإياكم - حفظكم الله -
ـ[محمد مصطفى العنبري الحنبلي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 09:08 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه النفيسة التي نحتاج لمثلها و حقّ على كل طالب علم أن يعلّقها أمام مكتبه الذي يطلب فيه العلم حتى يقرأها دائما و لا ينساها