النهي جاء عن الذهب وعن الفضة، فالمضبب لماذا جاء النهي عنه؟ قالوا: لأنه يشمله النهي، لما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم- عن آنية الذهب والفضة لا يعني أن النهي مقتصر على الذهب الخالص والفضة الخالصة، بل معناه النهي عن كل شيء، يعني الذهب والفضة الخالصة وغير الخالصة، لأنه إذا نهى عن الشرب في آنية الذهب، فمعناه أن النهي أيضاً عن الشرب في آنية فيها ذهب، لأن النص يتناوله ويشمله.
قال المصنف: {لكن تباح ضبة يسيرة من فضة لحاجة}؛ إذاً عندنا صورة مستثناة، وباختصار آنية الذهب، آنية الفضة، المضبب بالذهب، هذه الصور الثلاثة الصور، هل يجوز فيها الإنسان أن يستعمل الإناء بهذه الصورة؟ لا ... وهل يجوز أن يقتني إناءً بهذه الصورة؟ لماذا؟ لأنه محرم، واقتناؤه قد يكون وسيلة لاستعماله فبذلك لا يجوز. قالوا: ما حرم استعماله، حرم اتخاذه.
وهذه مسألة شرحناها قديماً، ما حرم استعماله، حرم اتخاذه، فهل يجوز للرجل أن يتخذه عنده في البيت خاتماً من ذهب، أم لا يجوز؟ ولماذا لا يجوز؟ الجواب يجوز، لأنه هذا الخاتم من الذهب، هل يجوز استعماله أم لا؟ يجوز للنساء، إذاً خاتم الذهب هذا له وجه استعمال مباح فيجوز اتخاذه.
لكن الكلام عن الآنية التي ليس لها وجه استعمال مباح، فهذه لا تتخذ لأن مالها وجه استعمال مباح، وإلا لحرم على أصحاب الذهب، فدكاكين الذهب كلها لا يجوز لهم أن يبيعوا شيئاً أو يبقوه في دكاكينهم.
إذاً ... ما حرم استعماله يحرم اتخاذه، في حالة لا يكون له وجه استعمال مباحاً، أما إذا كان له وجه استعمال مباح، فإنه يجوز.
قال: {لكن تباح}؛ الصور المستثناة، {لكان تباح ضبة يسيرة من فضة لحاجة}، هذه أربع شروط، إذاً المستثنى ما توفرت فيه شروط أربعة، ما هي؟ 1) تباح الضبة. ما معنى الضبة؟ قلنا الإناء انكسر، مثلاً، فاحتاج إلى أن يلحم فاستعملت الفضة في هذا اللحام، هذه ضبة. وماذا غير الضبة؟ ما يقابل الضبة الزينة، إذا وضع الذهب أو وضعت الفضة للزينة، فهذه ليست لحاجة، أو ليست ضبة، هذه زينة، تطيعم مثلاً.
إذاً ضبة، هذا الشرط الأول.
الشرط الثاني، تكون يسيرة، لا يكون هذه الضبة تأخذ ربع الإناء مثلاً.
من فضة، لا تكون الضبة من ذهب. قال: {لحاجة}، ما معنى لحاجة؟ يعني ليست للزينة، وإنما هي لسبب للاحتياج إليه، كما ذكرنا أنه كسر ويحتاج أن نلحم هذا الإناء.
إذاً آنية الذهب والفضة وما فيه ذهب وفضة ما يجوز، ويستثنى من ذلك صورة واحدة، ما هي؟ الضبة اليسيرة من فضة لحاجة. بهذه الأربعة شروط يجوز. فإذا وجدت إناءً فيه شيء من فضة بهذه الشروط الأربعة، فإن هذا يجوز. يستدل لذلك بحديث أنس، أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم- انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة. هذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم-.
قال المصنف: {وما لم تعلم نجاسته من آنية كفار وثيابهم طاهرة}، آنية الكفار وثياب الكفار ما حكمها؟ الجواب باختصار، نقول حكمها كحكم آنية المسلمين، ما حكم آنية المسلمين؟ الأصل فيها الطهارة، وكل إناء، سواء كان لمسلم أو لكافر، ولا يخلوا من ثلاثة حالات؛ إما أن نتيقن الطهارة. فإيش يصبح حكم هذه الآنية؟ والثياب طاهرة. أو نتيقن النجاسة، نرى النجاسة بعيننا، فإذاً هي ما حكمها؟ نجسة.
وما لم نعلم طهارته من نجاسته، نلحقه بإيش؟ بالأصل. ما هو الأصل؟ الطهارة ولا النجاسة؟ الطهارة. وهذا معنى قول المصنف: {وما لم تعلم نجاسته من آنية كفار وثيابهم طاهرة}، وهذا له أدلة كثيرة، النبي - صلى الله عليه وسلم- أكل وشرب وتوضأ من آنية الكفار، وما سألهم، وما غسلها قبل ذلك.
يشكل على هذا حديث أبي ثعلبة الخوشني، لما قال: إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفأنكل في آنيتهم، قال: "لا تأكلوا فيها إلا ألا تجدوا غيرها" قال: "فاغسلوها وكلوا فيها" قالوا: هذا محمول على ما علمت نجاسته أو على من علم استباحته للنجاسة واستعماله النجاسة، فهذا محمول على هذه الحالة.
¥