ما هو الذي سوى ذلك؟ سوى ذلك الريح، فإذا خرجت الريح فإنه لا يجب الاستنجاء. لماذا؟ لأنه الريح طاهرة أصلاً، ولا تلوث، هذا واحد.
الثاني قال: {والطاهر}؛ إذا خرج شيء طاهر، كأن تخرج مثلاً حصاة من الإنسان جافة وليس عليها أثر نجاسة، هل يجب الاستنجاء؟ لا ... ما يجب الاستنجاء. لأنه لا توجد نجاسة حتى ينظف منها وحتى يزيلها.
الثالث قال: {غير الملوث}؛ لو خرجت النجاسة من الإنسان لكن لم تلوثه، كما لو خرجت النجاسة من الإنسان جافة، فالمكان لم يصبه شيء من النجاسة، فهل يجب الاستنجاء؟ لا ... ما يجب، لماذا؟ لأنه لا توجد نجاسة يجب إزالتها.
قال المصنف: {وسن عند دخول خلاء}؛ الآن يذكر مستحبات وآداب الخلاء. قال: {يسن عند دخول خلاء قول بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث}، وهذا كله ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم-. هذا الأدب الأول أو السنة الأولى.
الثانية قال: {وبعد خروج منه}؛ يعني من الخلاء، {غفرانك. الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني} وهذا الثاني، وهذا أيضاً ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- كلاهما ورد في أربعة أحاديث. قال: {سن عند دخول الخلاء}؛ يعني عند إرادة الدخول. {وعند الخروج}؛ يعني بعد الخروج.
قال: {وتغطية رأس}؛ هذا الأدب والمستحب رقم كم؟ الثالث.
الأول دعاء الدخول والثاني بعد خروجه منه، والثالث قال: {تغطية رأس وانتعال}؛ إذاً الثالث تغطية الرأس. والرابع الانتعال. ما هو الانتعال؟ يعني أن يلبس نعلاً في قدمه. ما هو دليل هذه المسألة؟ يستدلون لذلك بحديث: كان إذا دخل المرفق لبس حذاءه وغطى رأسه الشريف. وهذا الحديث فيه ضعف. وعللوا بتعليلاتٍ أخرى غير الحديث، يعني يستدل لهذه المسألة بدليل وبتعليل. أما الدليل سمعناه، وأما التعليل، يعللون لذلك يقولوا: إن تغطية الرأس في هذا الموضع أستر، لأن الإنسان في موضع لا يحب أن يراه أحد. وأما لبس النعل أو الحذاء في هذا الموضع لكي لا يصيبه شيء من النجاسة، أو شيء من الأذى.
قال: {وتقديم رجله اليسرى دخولاً،} لأنها من غير باب التكريم، والنبي - صلى الله عليه وسلم- كان يعجبه التيمن في تنعله وفي ترجله وفي طهوره وفي شأنه كله، هذا ما كان من باب الإكرام، أما ما كان من باب عدم التكريم فإنه يستحب تقديم اليسرى، كالخلع وكدخول الخلاء. قال: {واعتماده عليها جالساً} يعني اعتماده على اليسرى جالساً، ويستدلون لهذا بحديث سراقة بن مالك - رضي الله عنه- على ما فيه من ضعف.
{واليمنى خروجاً}؛ يعني ويسن تقديم الرجل اليمنى إذا خرج من الخلاء، {عكس مسجد ونعل ونحوهما} دخول المسجد يكون بأي رجل؟ باليمنى. والخرج من المسجد يكون بأي رجل؟ باليسرى. وكذلك إذا لبس النعل يلبسه باليمنى، وإذا خلع يخلع باليسرى.
قال: {وبعد في فضاء} يعني يسن أن يبتعد في الفضاء لأنه جاءت أحاديث بالأمر بالستر، "من أتى الغائط فليستتر" ولأنه أستر، ما يحتاج أن يأي بذلك حديث.
قال: {وطلب مكان رخو لبول} من المستحبات أن يبحث عن مكان رخو هش للبول إذا بال، حتى لا يرتد إليه بوله. والنبي - صلى الله عليه وسلم- أمار بذلك.
قال: {ومسح الذكر باليد اليسرى إذا انقطع البول من أصله}؛ يعني من أصل ذكره، {إلى رأسه}؛ يعني إلى رأسه، يعني إلى رأس الذكر، {ثلاثاً، ونتره ثلاثاً}. النتر ما هو؟ النتر يعني الجذب، أن يجذبه، يدفعه، يضغط على نفسه ويدفع هذا البول، يسمى النتر، أن يفعل ذلك ثلاثاً. لكن هذا الأمر لماذا يستحبونه؟ يستحبونه لسبب. قالوا: لأن هذا أبلغ في النظافة، أبلغ في إخراج ما تبقى من بول في العضو، لكن هذا الكلام فيه نزاع. فيه إشكال، ما هو؟ لأن بعض أهل العلم يقول: إن هذا الفعل يؤثر على الإنسان من حيث الضرر، من حيث البدن، يعني يؤثر على بدنه، يسبب له السلس أو يؤذيه وكذا، فإذا كان هذا الأمر، يعني استحساناً من الفقهاء، وما ورد في من حديث، لا ... ليست صحيحة. فاستحسنوا ذلك، قالوا هذا أنظف وأنقى أن يخرج الإنسان ما فيه من بول. فقنول هذا الاستحسان لا بأس به، بشرط أن لا يكون سبب للضرر، فإن كان ثبت ضرره، فإذاً لا يستحسن ذلك، لأن هذه السنة لا تقاوم، أو لا نقول سنة على سبيل تحصيل مفسدة أعظم، فالمسألة مردها إلى الطب، فإذا أثبت الطب أن هذا فعلاً يورث السلس، ويسبب سلس البول، وقد قال بهذا بعض أهل العلم، فإنه لا يستحب، يعني هذا الفعل.
قال المصنف - رحمه الله -: {وكره دخول خلاء بما فيه ذكر الله تعالى،} ولو قال يحرم لكان ذلك أقرب، يستدلون لهذا، قالوا النبي - صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الخلاء ينزع خاتمه.
قال: {وكلام فيه بلا حاجة}
الآن رقموا هذه المكروهات. المكروه الأول أن يدخل بشيء فيه ذكر الله. الثاني أن يتكلم في الخلاء بلا حاجة، للنهي عنه. والنبي - صلى الله عليه وسلم- لم يرد على الرجل لما سلم عليه، لم يرد عليه وهو في حال البول، كان يبول. فجاء رجل وسلم عليه فلم يرد عليه حتى فرغ، ولأنه ورد في ذلك حديث: "إن الله يمقت على ذلك" في مسألة الرجلان يتغوطان ويتحدثان، فالله يكره ذلك ويبغضه.
المكروه الثالث، قال: {ورفع ثوب قبل دنو من الأرض}، يكره أن يرفع ثوبه قبل أن يدنو من الأرض، لأنه إذا رفع ثوبه، فإن هذا فيه كشف للعورة.
قال: {وبول في شق ونحوه} لأنه قد يكون في هذا الشق شيء من الهوام والدواب فتؤذيه. {ومس فرج بيمين بلا حاجة} هذا من المكروهات وجاء في الحديث النهي عن ذلك.
قال: {واستقبال النيرين}؛ يقصد بهذا الشمس والقمر. لماذا يكره استقبال الشمس والقمر؟ قالوا: تعظيماً لهما. لكن هذه الكراهة معارضة بحديث شرقوا أو غربوا. "لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا} فإذا شرقوا أو غربوا معناه سيستقبل الشمس أو القمر، وهذا دليل على ضعف هذه المسألة، وهي مسألة استقبال النيرين وكراهة ذلك، والظاهر عدم كراهة استقبال النيرين لحديث أبي أيوب.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
قام بالتفريغ عمر بن إبراهيم بن محمد راجي عفو ربه الكريم الرحيم القوي المتين، رزقه الله وآباءه وعياله وإخوانه الفردوس الأعلى.
¥