تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

علينا أن نحمد الله عز وجل على ذلك، لم يكن لهذه الأمة قيمة ولا وزن عند أمم أهل الأرض، فلما أراد الله عز وجل أن يُعلي كلمتها وان يرفع رؤوسها أرسل إليهم رسول الهدى محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم، {لَقَدْ مَنّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مّبِينٍ} سورة: آل عمران - الأية: 164.

ضلال مبين: ضلال الشركيات والخرافات والبدع والمحدثات، فأنقذهم الله عز وجل بنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، جمعهم به بعد الفرقة وأعزهم به بعد الذلة وأغناهم به بعد العيلة وهداهم به بعد الضلالة والكفر والغواية، فهذه نعمة عظيمة انعم الله عز وجل بها علينا، لم تمضي إلا أيام قلائل وسنوات يسيرة وإذا بهذه الأمة تُفتح لها البلاد المشارق والمغارب، كانت خير امة وأعز امة وأكرم امة بعد أن كانوا رعاة للإبل والبقر والغنم والشاة، ما هي إلا مدة يسيرة فصاروا كما سمعتم، ما هو السبب؟ انه هذا الدين، هذا الدين العظيم، دين الفضائل والحسنات والخيرات، هذا الدين الذي لمّا تمسك به سلفنا الصالح أعزهم الله عز وجل ورفع ذكرهم وشرّفَهم، وهكذا هذه الأمة إن هي رجعت إلى دينها وتمسكت بكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يتحقق فيهم ما وعدهم به ربهم عز وجل في كتابه وعلى لسان رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالله عز وجل اخبر في كتابه الكريم أن المستقبل لهذا الدين وان العاقبة لعباد الله المتقين كما قال ربنا عز وجل

{هُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىَ وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} سورة: التوبة - الأية: 33، وهكذا يقول ربنا سبحانه {وَعَدَ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنّهُمْ فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنّ لَهُمْ دِينَهُمُ الّذِي ارْتَضَىَ لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} سورة: النور - الأية: 55، ويقول الله: {وَلَيَنصُرَنّ اللّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنّ اللّهَ لَقَوِيّ عَزِيزٌ} سورة: الحج - الآية: 40،ويقول سبحانه: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تَنصُرُواْ اللّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ} سورة: محمد - الأية: 7.

وهكذا الوعود في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال "إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا" , إذا هذا الدين سيصل إلى كل مكان، ويصل إلى كل بيت كما في حديث تميم الداري عند أحمد عن النبي عليه الصلاة والسلام " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت نذر ولا وبر إلا ادخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز به الله الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر "، ما يترك الله عز وجل بيتاً سواء كان من طين أو من حجر أو من خشب أو من نذر إلا وادخل الله عز وجل فيه هذا الدين، لكن كما هو معلوم أن هذه الوعود لن تتحقق إلا إذا عادت هذه الأمة إلى دينها رعاة ورعية شعوباً وأُسراً وأفراداً، فالله عز وجل لا يهب هذا النصر إلا لمن يستحقه، والذين يستحقونه هم من استقاموا على دينه واستقاموا على شرعه واعتصموا بكتابه وبسنة رسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في جميع شئون حياتهم، في العقيدة وفي العبادة وفي المعاملة وفي الآداب وفي الأخلاق وفي السلوك وفي المنهاج وفي الدعوة وفي التربية، فهؤلاء هم المرشحون وهؤلاء هم المؤهلون لنيل نصر الله عز وجل لهم، وهذا كما هو معلوم أيضا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا وجد في هذه الأمة القدر الكافي من العلماء الربانيين، العلماء الراسخين أهل البصيرة والورع والزهد والتجربة، أهل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير