تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والعباد، فلابد علينا أن نحرص على أوقاتنا وان لا يعتذر الواحد منا بشدة الحال والفقر والمستوى المعيشي المتدني الذي يعيشه كثير من الناس، لا نظن إخواني في الله أن هذا المستوى الذي بلغه سلفنا الصالح كان بسبب الثراء والغنى والنعمة التي يعيشون فيها كثرة الأموال والدراهم والدنانير، بل كان كثيرٌ منهم من هو فقير ومن هو محتاج، صبروا فجاءت النتائج، الإمام احمد رحمه الله إمام الدنيا في زمنه من فقره وحرصه على العلم كان يؤجر نفسه للجمالين، يعني يريد أن ينتقل من العراق إلى المدينة أو من المدينة إلى اليمن كيف يفعل عنده كتب، يجعل نفسه أجيراً عند أهل القوافل، يقول أنا أخدمكم لكن احملوني واحملوا كتبي معكم، من العراق مثلاً إلي المدينة، فانظر إلي إمام الدنيا يجعل نفسه أجيراً يخدم أصحاب هذه القافلة والله اعلم ايش نوع الخدمة هذه، يخدمهم مقابل ان يحملوه وكتبه إلى المحل الذي يريد وهو إمام الدنيا في زمنه، البخاري رحمه الله يقول خرجت إلي ادم ابن أبي إياس وهو من كبار مشايخه لأسمع منه الحديث، قال فتخلفت نفقتي وكانوا أهل عفة، قال فجعلت آكل الحشيش ثلاثة أيام ولا يشعر أحداً بي، قال فتخلفت نفقتي فجعلت آكل الحشيش ثلاثة أيام ولا يشعر أحداً بي، إمام الدنيا لو قال يا عباد الله لطارت الدنانير إليه لو شعر به بعض الناس لطّيروا إليه الدنانير والدراهم، كانوا يجلون العلماء لكنه كان عزيزاً، قال فجاءني في اليوم الثالث رجل لا اعرفه فدفع إلي صرة دنانير وقال لي أنفقها على نفسك، قطعوا الفيافي ووجدوا المشاق والمتاعب في سبيل تحصيل هذا العلم النافع، ابن الجوزي يخبر عن نفسه انه كان يأتي إلي نهر عيسى بكِسر الخبز الناشف فيبلها في النهر ويأكلها لأنه لا يستطيع أن يأكلها وهي يابسة، ابن أبي حاتم قصة عجيبة حصلت له، قال خرجنا من مدينة من عند داوود الجعفري، قال فركبنا البحر قال وكانت الريح في وجوهنا فبقينا في البحر ثلاثة أشهر حتى نفذ ما عندنا من زاد وماء، انظروا يا إخوان الآن الإخوة الذين يعرفون الجغرافيا مسافة يسيرة ما بين ساحل المدينة إلى الساحل المقابل له، ساحل السودان أو مصر مسافة قصيرة، لكن على تلك السفن القديمة خرجوا وإذا بالريح في وجوههم ضلوا ثلاثة أشهر في البحر حتى نفذ ما عندهم، قال ثم رمت بنا السفينة إلى ساحل، قال وكنا ثلاثة أنا وشيخٌ نيسابوري وأبو زهير المرورودي، قال فجلسنا يعني في البر ثلاثة أيام ما نذوق طعاماً ولا شراباً، قال كنا نصلي حيث أُلقينا، يأتي أخر الليل يصلون، قال فلما كان في اليوم الثالث مشينا فإذا بالشيخ النيسابوري يسقط مغشياً عليه فنذهب نحركه وإذا هو لا يتحرك من شدة الجوع والظمأ، قال فمشينا فرسخاً فسقطت مغشياً علي، قال ومشى ثالثُنا فرأى سفينة قد قُربت إلى الساحل فأشار إليهم بثوبه فجاءوا مسرعين فقال الحقوا رفيقين لي، قال ما شعرت إلا بشخص يحركني ويرش على وجهي الماء ففتحت عيني فسقاني الماء قليلاً فقليلاً، قلت أدركوا شيخاً أو رفيقاً لنا فذهب جماعة إلى هذا الشيخ النيسابوري، قال فأحسنوا إلينا وزودونا من الكعك والسويق ثم مشينا وكتبوا لنا كتاباً إلى والي راية مدينة في ارض مصر، قال فمشينا حتى انتهى ما عندنا، فرُفعت لنا سلحفاة كالصخرة، قال فأخذنا حجر فرمينا على ظهرها فخرج لنا مثل صفار البيض فتحسيناه حتى سكن عنا الجوع حتى وصلنا إلي مدينة راية إلى أخر القصة، جد واجتهاد إخواني في لله وتحمل للمشاق والمتاعب، وهكذا ينبغي علينا إخواني في لله أن نتفانى في حدود استطاعتنا في تحصيل هذا العلم النافع وفي جمعه لا سيما في هذه الأيام التي أكرمنا الله عز وجل بوسائل تحصيل العلم، هذه الكتب المطبوعة التي كثير منها ما كان يمتلكها كبار العلماء والحفاظ، ما كانوا يمتلكونها اليوم مع توفر الطباعة سواء طلاب العلم يقتنون هذه الكتب، واليوم في هذا العصر في السنوات الأخيرة أكرمنا الله معشر أهل اليمن بهذه الدعوة المباركة وبهذه المراكز النافعة الخيرة التي ليس لها نظير في الدنيا تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في العلم من غير قيد ولا شرط اللهم المحبة للسنة والحرص على الآداب الطيبة، لا يطلبون منا شهادات ولا مؤهلات هذه نعمة حُرمها كثير من الناس، حُرمها كثير من الناس، انظروا إلي هذه البلاد اليمنية كانت تصدر الشغالين كما كان يقول شيخنا الإمام الوادعي رحمه الله تعالى إلى أسقاع الدنيا، تصّدير رجالها يخرجون وما يكاد احد يدخل إلي اليمن، ايش يريد من اليمن المعيشة عندهم أحسن والمناخ أفضل والدنيا أوسع، وإذا بنا في هذه السنوات الأخيرة يتوافد إلينا طلاب العلم من هنا وهناك حرصاً على هذا العلم، فعلينا أن نغتنم هذه الفرصة معشر أهل اليمن، وان نستفيد من هذا الذي يسره الله عز وجل لنا، والحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

تمت بحمد لله وفضله

قام بتفريغ المادة

أخوكم في الله مُحب السلف

أبو عبد الله السرتاوي الليبي

غفر اللهُ لهُ ولوالديهِ وللمُسلمين

وقام بنقلها

محمد بن سعد ال شريف

وفقه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير