تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل قرأت ما عندك من كتب؟]

ـ[ابن عبد السلام الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 08, 05:57 ص]ـ

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد

أعز شيء عند من حبب إليه العلم إقتناء الكتب وبذل المال في ذلك طيبة به نفسه, ما ساعده

في ذلك يساره ووسعه, حتى ربما اجتمع عنده من الأسفار والدواوين ما كان يتحسر على فقده

الراسخون في العلم! والسؤال المطروح هو:

هل ستقرأ هذه الكتب كلها؟

وإذا كان الجواب نعم (!؟) فالسؤال الثاني متى؟ وكيف؟

جلست يوما في مقدمة مسجد من مساجد مدينة وهران بالغرب الجزائري وكان في الواجهة

مكتبة متوسطة الحجم ,جميلة الترتيب, حسنة التصنيف, بديعة التنويع, فأخذت أسرح طرفي فيها وأنا جالس, وأقلب ناظري في جوانبها وأعمل فكري في نوع كتبها ,فوجدتها من الكتب اللتي لا ينتفع بها إلا بعد قراءتها كلها ,فشرعت في عد ماحوته من مجلدات فجاوزة العدة الستمائة مجلد متوسط الحجم معدل أوراقه خمسمائة ورقة؛ فقلت كم يلزم من العمر لقراءة هذه الكتب كلها؟ فجعلت أقدر أن المرء ومع اختلاف أحواله وسعيه في طلب الحلال وقوت العيال وكثرة الأشغال قد لا يصفو له من الوقت الكثير وإن ظن وزعم, ولكن دعنا نقول أنه يستطيع أن يقرأ كل يوم خمسا وعشرين ورقة

فإنه سيقرأ في السنة كلها بلا انقطاع ثمان عشرة مجلدا (لا أظن الكثير يفعله) وسيحتاج إلى أكثر من ثلاثين سنة دون انقطاع لقراءة هذه المكتبة المتوسطة الحجم!

فإذا أظفنا لها أوقات جرد الفوائد , والتحقق من بعض المسائل والمناسبات والأعياد وطرق الظيوف وبلاء الثقلاء واقتناء جديد الكتب فإن عدة الأوراق ستقل وعدة السنوات المرجوة لإكمالها (المراطون) ستزيد! هذا مع تفاوت الهمة مع طول الزمن وتقدم العمر لنقصانه.

وحتى لو أثقل المرء على نفسه وأجهدها بمضاعفة الورد أو نصاب القراءة فلن تكون أقل من عشرين سنة!

فما العمل إذا؟ وهل نشتري فقط لنشتري أو لعلنا نستروح بقول القائل (إن لم أقرأ أنا فسيقرأ أولادي!؟)

كثير من العلماء لم تكن لهم مكتبات عامرة واشتهروا بنفعهم لعامة المسلمين وإذا ذكرت سيرة العلماء كانوا ضمن من ذكر وترحم عليهم.

لا أحفظ أن الشيخ ابن باديس كانت له مكتبة ضخمة

ولا الشيخ الإبراهيمي

ولا الشيخ محمد ابن عبد الوهاب صاحب كتاب التوحيد

وغيرهم كثير , ومع ذلك كانوا أهل علم من العيار الثقيل ,وأئمة يقتدى بهم.

*كان لشيخنا العلامة خاتمة اللغويين الحفاظ الشيخ أحمد بن حامد آل مرابط الشنقيطي اشتهر بالدُّ مكتبة صغيرة بها شرح القسطلاني على البخاري وبالحاشية النووي على مسلم , وشرح خليل للدردير مع حاشية الدسوقي وبعض كتب المنطق والأصول ومن كتب اللغة جملة منها الأشموني على الألفية والكتاب لسيبويه وشيء من سدر قليل ولكنه كان بحرا في فنه وكان يحفظ المختصر بشرحه وفي كتب اللغة أعجوبة وأملى علي الأشموني بالشواهد وغيره من كتب اللغة.

*وكانت مكتبة شيخنا العلامة المحدث الذي مارأت عيني مثله ولا أظنه رأى مثل نفسه الشيخ محمد أحمد عبد القادر الشنقيطي صغيرة بها كتاب ميزان الاعتدال وتاريخ بغداد وتهذيب ابن حجر وفتح الباري والقسطلاني مع النووي وابن دقيق العيد على العمدة ومغني الذهبي

وتاريخ لرجال الاندلس نسيته والشقائق النعمانية وغيرها لا تتجاوز المائتين مجلد

ولكنه كان يستظهر الصحيحين ويعرف رجال الستة كما يعرف الرجل أولاده, واختصر ميزان الذهبي وحفظ ما اختصره وأي حديث سألته عنه أخبرك بصحته وضعفه, ويحفظ ماتفرد به الثقات واستنكر من حديثهم وفي فقه مالك كان هو المرجع في حياته لما كان بشنقيط وبالمدينة لما هاجر إليها.

*وكان العلامة التلمذي الشنقيطي وكنا نسميه بالترمذي إكراما لحفظه يحفظ كتب ابن حزم عن ظهر قلب وكان الشنقيطي الوحيد ظاهري المذهب ولم يكن ممن جمع ما نجمع من الكتب.

وكان رحمه الله ربما جاء وسلم على شيخنا المحدث الشنقيطي فيمازحه شيخنا بقوله (يا تلمذي كتاب صاحبك ابن حزم المحلى ,لو يحلى بالذهب ما يدخل بيتي)

*******

* أردت بهذه المقدمة أن نتفطن من غفلة ما نشكو منه وهو قلة القراءة! وهذا يعني قلة التحصيل! ومع ذلك فلابأس أن نرد ونعترض و نسوغ " قلتُ ,وعندي ,وفي هذا نظر ,ووافقه الذهبي وليس كما قال , وأعله الدارقني وقد ووجدت له طريقا صحيحا, وأعله البخاري بالإرسال قلت لكن وصله الطبراني في المعجم ,وووووووووووووو "

*سمعت بعض الأفاضل ممن أعدهم من علماء الأصول وقد سألته عن سرعة تحصيله وما فتح الله عليه أيام كنا بالجامعة ما السر في ذلك؟ فقال لي إن أردت نصيحتي فخذ كتابا واحدا يكون

جامعا في بابه متوسط الحجم في نحو 200 إلى 300 صفحة واقرأه واجعله صاحبك في حلك وترحالك وإذا لم تفهم عبارة منه اطلب شرحها من كتب أخرى أوسع وقيدها عليه بالحاشية وهكذا كأنك تشرح الكتاب لنفسك ولا تزال تقرأ فيه كلما ختمته ابتدأته من جديد حتى يصبح من كثرة قراءتك له كأنك تحفظه وتستظهره وإن لم تستحظر العبارة استحظرت معناها وتستطيع الجواب, وستجد لسانك تعود لغة أهل الأصول, وقواعدهم, ......... وفعلا وجدتها نصيحة نافعة وهي سر تفوق الكثيرين من علمائنا.

*وقل نفس الكلام في اللغة أو الفقه أو الحديث.

*كان من مضى من العلماء لهم عناية خاصة بتدريس كتب معينة للطلاب وحملة العلم كلما أتموها أعادوها من جديد وهذا ليس منهم قصورا في الباع ولكنه تدريبا للطلاب على لغة أهل العلم ,فتجد من سمع الموطأ أو البخاري أو مسلم أو غيره من دوايين الحديث أو الفقه أو الأصول أو اللغة مرات عديدة.

*ولما جاء أحد المحدثين إلى مالك و لظروفه سمّع له مالك الموطأ في أربعين يوما فلما ختمه

قال له مالك علم جمعته في عشرين سنة أخذته في شهر! ما أظنك تنتفع به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير