[البكاء من خشية الله، أسبابه، وموانعه، وطرق تحصيله]
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[16 - 09 - 04, 06:39 م]ـ
[ COLOR=Blue] الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
وبعد
البكاءُ فطرةٌ بشريّةٌ كما ذكر أهل التفسير، فقد قال القرطبي في تفسير قول الله تعالى: {وأنّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم / 43]: " أي: قضى أسباب الضحك والبكاء، وقال عطاء بن أبي مسلم: يعني: أفرح وأحزن؛ لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء ...
" تفسير القرطبي " (17/ 116).
وبما أن البكاء فعل غريزي لا يملك الإنسان دفعه غالباً فإنه مباح بشرط ألا يصاحبه ما يدلُّ على التسخُّط من قضاء الله وقدره، لقول النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: " إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ بدمعِ العينِ ولا بحزنِ القلبِ، ولكن يُعَذِّبُ بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحمُ " البخاري (1242) ومسلم (924).
أنواع البكاء وأصدقها
قال يزيد بن ميسرة رحمه الله: " البكاء من سبعة أشياء: البكاء من الفرح، والبكاء من الحزن، والفزع، والرياء، والوجع، والشكر، وبكاء من خشية الله تعالى، فذلك الذي تُطفِئ الدمعة منها أمثال البحور من النار! ".
وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه " زاد المعاد " عشرة أنواع للبكاء نوردها كما ذكرها.
* بكاء الخوف والخشية.
* بكاء الرحمة والرقة.
* بكاء المحبة والشوق.
* بكاء الفرح والسرور.
* بكاء الجزع من ورود الألم وعدم احتماله.
* بكاء الحزن .... وفرقه عن بكاء الخوف، أن الأول " الحزن ": يكون على ما مضى من حصول مكروه
أو فوات محبوب وبكاء الخوف: يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك، والفرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان، ودمعة الحزن: حارة والقلب حزين، ولهذا يقال لما يُفرح به هو " قرة عين " وأقرّ به عينه، ولما يُحزن: هو سخينة العين، وأسخن الله به عينه.
* بكاء الخور والضعف.
* بكاء النفاق وهو: أن تدمع العين والقلب قاس.
* البكاء المستعار والمستأجر عليه، كبكاء النائحة بالأجرة فإنها كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها.
* بكاء الموافقة: فهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر عليهم فيبكي معهم ولا يدري لأي شيء يبكون يراهم يبكون فيبكي.
" زاد المعاد " (1/ 184، 185).
والبكاء من خشية الله تعالى أصدق بكاء تردد في النفوس، وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة.
البكاء الكاذب
البكاء قد يكون دليلاً على صدق الباكي، وقد لا يكون، وقد ذكر القرآن الكريم قصة إخوة يوسف عليه السلام وكيف تباكوا على أخيهم كذباً فقال تعالى: {وجاؤوا أباهُمْ عِشَاءً يَبْكونَ} [يوسف / 16]، وعلى هذا فإن بكاء أحد المتخاصمين في القضاء ليس دليلاً يُعتدُّ به.
بكاء الإثم!!
البكاء على موت كافر أو طاغية أو فاسد، والبكاء العاشقين، وأهل الغرام بالأغاني.
فما في الأرض أشقى من محب ... وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكيا في كل حين ... مخافة فرقة أو لاشتياق
فتسخن عينه عند التلاقي ... وتسخن عينه عند الفراق
ويبكي إن نأوا شوقا إليهم ... ويبكي إن دنوا خوف الفراق
فضل البكاء من خشية الله
قال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ. فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ. إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور / 25 – 28]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ". رواه الترمذي (1633).
¥