تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

** وَلَو َأَنَ أَهلَ العِلمِ صَانُوهُ صَانَهَم **

ـ[أبو معاذ الحسن]ــــــــ[05 - 06 - 08, 02:01 م]ـ

منقول فهد العبيان

http://www.almoslim.net/node/94274

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن للعلماء مقاماً رفيعاً، كيف لا وقد رفع الله شأنهم، حيث أشهدهم على أعظم مشهود فقال سبحانه: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران: 18]، ورفع درجتهم حيث قال: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة: 11]، وجعلهم أهل خشيته فقال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر: 28].

هذا شأنهم عند ربهم كما أخبرنا سبحانه في كتابه، وكذلك هو شأنهم في السنة حين بين النبي صلى الله عليه وسلم لنا مقامهم بقوله في الحديث المشهور عن أبي الدرداء (وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء) الحديث أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه بسند صحيح.

ومن هذا شأنهم وهذه منزلتهم يجب على الأمة أن تعرف لهم مكانتهم وأن ترفع قدرهم وتذود عن أعراضهم وأن تسمع لكلمتهم ونصحهم وفتواهم.

إن واقع الأمة اليوم وبالأخص في هذه البلاد وللأسف قد تبدل وتغير في قضية التعامل مع العلماء واحترامهم ومعرفة قدرهم ومكانتهم، حيث أصبحنا نسمع ونقرأ ونشاهد من ليس له حظ في العلم والديانة ينتهك حرمة أهل العلم ويسفه أقوالهم ويزدري آراءهم بل ويتهمهم بالإرهاب والإفساد ويطالب بمحاكمتهم وتأديبهم.

بل وحتى ذوي الجاه والمسؤولية وجد من بعضهم من لا يرفع بأقوال العلماء رأسا ولا يرى لهم حقا في إبداء الرأي أو المشورة في قضايا الأمة، وحتى فيما هو من صميم اختصاصهم وهي الفتيا وبيان الحلال والحرام ضيق عليهم وسفهوا حتى أصبحت أقوالهم وفتاواهم محل التندر والتنقص وعدم المبالاة وما أصبحت بذات القدر الذي كانت عليه فتاوى أسلافهم.

إن هذا الواقع المرير للعلماء في زماننا إنما هو من عند أنفسهم كما قال ربنا سبحانه: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30].

وإن إلقاء اللوم على السفهاء والمنافقين والجهال وأنهم السبب في انتهاك مكانة العلماء إنما هو هروب من الواقع وتزكية للنفس وبعد عن حقيقة الأمر.

إن مكانة العلماء وحفظ أقدارهم لا ينتظر من الجهال والمنافقين والكافرين، فهؤلاء وأمثالهم قد تعودنا منهم الهمز واللمز والتنقص كما فعل أولياؤهم من قبل.

يجب أن نعترف بأن واقع العلماء وطلبة العلم المؤلم اليوم إنما هو نتاج أعمالهم وقصورهم وتقصيرهم في حق الله، هذا هو الحق الذي ينبغي أن لا نداري فيه ولا نغض الطرف عنه، فكما تكونوا يولى عليكم وكما تكونوا يكن الناس لكم.

يا علماء الأمة وطلبة العلم فيها كل واحد منا يجب أن ينظر في نفسه وفيمن حوله من المنتسبين للعلم ليرى ما نعايشه من فشو أنواع من التقصير بيننا، كالانكباب على الدنيا والتنافس على حطامها مع فساد ذات البين وكثرة التحاسد والتباغض والتجادل والتفرق والانتصار للنفس وكذا ضعف في التعبد والتأله وضعف في الغيرة والبذل لهذا الدين، إضافة إلى ما نلحظه من التوسع في المباحات والملذات والمشتبهات والسعي في طلب الرئاسة والمكانة عند أهل الدنيا حتى رأينا من يقتل مروءته وحياءه على أبواب السلاطين وذوي الجاه والمال.

فهل واقع علماء اليوم كعلماء الأمس إلا من رحم الله. أين أهل العلم اليوم من أولئك العلماء الربانيين الذين عرفناهم وجالسناهم وتتلمذنا عليهم من حيث تعبدهم وتألههم وخشيتهم لله ووقوفهم عند حدود الله وغيرتهم على محارم الله وبعدهم عن الدنيا وزخرفها وحفظهم لمكانة ما يحملون في صدورهم من العلم وصدعهم بالحق حتى أصبح لهم ما تعلمون من المكانة والتقدير في نفوس الخاصة والعامة وحتى غدت هيبتهم ظاهرة عند المعاندين والجاهلين بل وحتى المنافقين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير